في السورة دروس:
الدرس الأول: معجزة له عليه الصلاة والسلام، كما سلف معنا:
أن الله عز وجل ذكر أن هذا لن يهتدي وسوف يعذب وبالفعل مات هو وزوجته وهما كافران.
الدرس الثاني: أن هذا أسلوب أدبي مطلوب، وهو الإغلاظ على أهل الكفر والنفاق، قال تعالى: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التوبة:73] فلا يعترض معترض، كما يكتب بعض الكتبة -الآن- ويقولون: إن بعض العلماء وبعض الدعاة تناولوا بعض الفجرة والمنافقين والكافرين والمرتدين بشيء من التجريح، وهذا لا ينبغي، فيرد عليهم أن أسلوب القرآن أحياناً قد يغلظ على الفاجر والمنافق وعلى الكافر تأديباً وترغيماً وتقويماً وتعنيفاً له.
الدرس الثالث: أن على العبد أن ينجو بأسرته من نار جهنم، وليعلم أن النسب لا يكفي، فإن أقرب الناس من الرسول صلى الله عليه وسلم هو أبو لهب، ولكن لم تنفعه هذه القرابة، قال تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:56] بينما بلال مؤذن أهل الحبشة، وداعي السماء أتى من الحبشة فأسلم على (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) وله قصر في الجنة كالربابة البيضاء.
فـ بلال نحبه، ويحبه مسلمو اليونان، ومسلمو اليابان، ومسلمو الصين، ومسلمو المغرب، ومسلمو الجزيرة، وكل مسلم يحب بلالاً، وكل مسلم يكره أبا لهب، فهذا قريب أصيل قرشي، وهذا بعيد في النسب لكنه عبد حبشي، فرفعه الله بـ (لا إله إلا الله) وأخزى الله هذا؛ لأنه كفر بـ (لا إله إلا الله).
الدرس الرابع: أن عداوة القرابة ليس فوقها عداوة، ولذلك ابتلى الله رسوله؛ ليرفع درجته بعداوة القرابة، وعداوة البعيد، وعداوة المرأة، وعداوة الرجل، وعداوة الغني، وعداوة الفقير، ثم نصره الله نصراً مؤزراً.
الدرس الخامس: أن من المؤسسات المحاربة للإسلام، مؤسسات المرأة، وهي التي تنشأ على غير تقوى من الله ورضوان، وتصد عن منهج الله، وهي خلايا أقامتها الصهيونية العالمية وأذنابها الذين تأثروا بالاستعمار وبالكفر، لحرب الدين بواسطة المرأة بما تكتب، وما تنشر وما تقرر وما تربي فلينتبه لهذا.
وهي مدارس توجد في المستشفيات، وفي الأندية، وفي المدارس، وفي المحافل، وفي الجمعيات، وعدد بلا حرج، وهي مدرسة أم جميل.
ومدرسة الضلال لأولئك هي مدرسة أبي لهب.
ومدرسة محمد صلى الله عليه وسلم هي مدرستكم أنتم.
نسب كأن عليه من شمس الضحى نوراً ومن فلق الصباح عمودا
وذكر الأستاذ سيد قطب رحمه الله في الظلال وهو ينقل مشاهد يوم القيامة، وجمال السورة، قال في جمالها: أنها متناسقة العبارات، وصدق! بل هي بديعة كل الإبداع، ورائعة كل الروعة، وفيها من أسلوب الهجوم المؤدى الذي ينتهي بوصم القذائف، فإن فيها قلقلة، {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد:1 - 5].