هذا قسمٌ من الله عز وجل أن يصليه النار جزاءاً لهذه المواقف المخزية منه، كان عليه الصلاة والسلام يشكو إلى الله عز وجل، ما يصيبه، يقول: {إلى من تكلني؟ إلى قريب ملكته أمري؟ أم إلى بعيد يتجهمني؟}.
يقول: يا رب! امنعني واحمني، البعيد يتجهمني، والقريب تملكه أمري، مثل أبي لهب، يسومني سوء العذاب.
كان يقف صلى الله عليه وسلم في الأسواق يعلن دعوته، يقف في سوق عكاظ يقول: {يا أيها الناس! قولوا (لا إله إلا الله) تفلحوا} ويأتي أبو لهب وراءه، ويقول: لا تصدقوه، هذا مجنون من بني هاشم، هذا ابن أخي قد جُنَّ، هذا ساحر، هذا كاهن، وكان يأخذ التراب ويحثوه على وجه الرسول عليه الصلاة والسلام، ويسكت عليه الصلاة والسلام.
يدخل صلى الله عليه وسلم الخيام على الحجاج يعلن دعوته، وتوحيده، يقود القلوب إلى الله، وهذا يدخل وراءه في الخيام يكذبه، لا إله إلا الله!
أي صبر يتحمله الإنسان! حتى أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول لرسوله عليه الصلاة والسلام: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] أي أنه قد ضاقت قلوب الناس إلا قلبك.
فتأمل هذا، فلا يعاقبه صلى الله عليه وسلم ويوكله إلى الله.
{سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد:3].
وتهدأ مشاعره عليه الصلاة والسلام وتخمد ثائرته؛ لأن الإنسان مهما أوتي من الصبر والحلم، إلا أنه قد يبلغ في درجة أن يغلي دمه على البغي والعدوان والطاغوت؛ لكن الله عز وجل يسليه.
قال: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد:4]