دنا جبريل وأسند ركبتيه إلى ركبتي الحبيب عليه الصلاة والسلام، ما أحسن الصاحبين في رحلة ربانها محمد!
كفرت بـ لينين وأذناب نهجه وآمنت بالرحمن والفوز مطلب
أنا قصة من بدر أرسلها الهدى محمد يرويها وجبريل يكتب
قال: {جلس وأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع يديه على فخذيه}.
على فخدي من؟ على فخذي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا من الأنس، وهذا من تواضعه عليه الصلاة والسلام؛ لأن من الناس من تستطيع أن تضع يديك عليه.
كان صلى الله عليه وسلم ربما شبك أصابعه بأصابع أصحابه، وربما داعبهم، يأخذ بكتف الصحابي ويضمه، يأتي إلى زاهر في السوق، وزاهر بدوي، يبيع سمناً وعسلاً، فيقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح: {زاهر باديتنا ونحن حاضروه}.
فأتى إلى زاهر وهو مشغول بالسمن والعسل، فأتى معلم الإنسانية وهادي البشرية من ورائه، فضمه إلى صدره وهو يقول عليه الصلاة والسلام: {من يشتري العبد، من يشتري العبد}.
وهو في السوق يحرج به، فأخذ زاهر يتفلت من يدي الرسول صلى الله عليه وسلم ويلتفت، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ يتحنك بكتفيه لا يريد أن يتركه، ويقول: يا رسول الله! كأني كاسد؟ أي: كأني مفلس، فقال: {لكنك لست عند الله بكاسد}.
إنها تربية، والمداعبة في السوق تحتاج إلى محاضرات، لماذا داعبه؟ ولماذا حرج عليه؟ ولماذا مزح عليه؟ أعنده وقت فراغ عليه الصلاة والسلام؟
بعض الناس الآن من متصوفة القرن الثالث، يقولون: لماذا لا تمشط لحيتك؟ قال: مشغول بالعبادة.
عجيب! حتى في مشط اللحية مشغول؟! ومحمد صلى الله عليه وسلم رجَّل رأسه، ومشط لحيته، ومازح الأعراب، وحمل الأطفال، وصلى بـ أمامة، وصعد الحسن والحسين على ظهره صلى الله عليه وسلم، وداعب وضحك وسابق عائشة!
إنها حياة تكامل، روعة وجمال، أما أن تقصر في جانب وتظهر في جانب فهذا ليس بصحيح، بل هذا نقص.
أتى الرسول صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله، فضرب على صدره، ورجل آخر نفث صلى الله عليه وسلم وقرأ، كلها سكينة ولطف، وتجد بعض الناس من غلظته وفظاظته لا تستطيع أن تقربه، بينك وبينه ثلاثة أمتار، ولا تستطيع أن تنظر إليه، وإذا نظرت إليه تقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق! كأن سيف الحجاج بيده! {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159] هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم!!
{فوضع يديه على فخذيه، ثم قال: يا محمد!} لأنه لو قال: يا رسول الله! لكشف نفسه، فكأنه لا يدري بالرسالة ولا يدري بالرسول صلى الله عليه وسلم.