الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله عليه وسلم ما تعاقب الليل والنهار، وما هطلت الأمطار، وما فاحت الأزهار، وما ترعرعت الأشجار، وعلى آله والتابعين لهم بإحسان.
أشكر الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى على أن جمعني بهذه الوجوه التي سجدت له، وبهذه القلوب التي أحبته، ثم أشكر مركز الدعوة بـ الدمام، وعلى رأسه فضيلة الشيخ حمد الزيد على تبنيه لهذه اللقاءات القيمة، وأما أنتم يا أيها الحضور فأقول:
فَتْحُ نظمي ومقالي حمد رب العالمينا
وصلاة الله تالي تبلغ الهادي الأمينا
ما بدا نور الوصال في وجوه الساجدينا
وعلى الدمام حالي والحضور المكرمينا
أيها الإخوة: ماذا يقول المسلم يوم يرى هذه الجموع وقد توجهت إلى الله؟
يقول: المستقبل لهذا الدين.
يقول: العظمة لـ خالد وطارق وصلاح الدين، ولسان الحال:
نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثلما فعلوا
لسنا وإن كرمت أوائلنا يوماً على الأحساب نتكل
أما عنوان المحاضرة فهو عبارة عن (حوار بين روح القدس ومعلم البشرية صلى الله عليه وسلم) وروح القدس ليس به خفاء، يقول حسان:
وجبريل أمين الله فينا وروح القدس ليس به كفاء
يسمى: جبريل، ويسمى: روح القدس، وسمي روح القدس تسمية من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى ومن رسوله عليه الصلاة والسلام، وكان صلى الله عليه وسلم يحرك داعيته حسان لينثر الأبيات اللاذعة على رءوس المشركين، فيقرب له المنبر، ويقول: {اهجهم وروح القدس يؤيدك} وأجمل بيت قاله حسان في مدح جبريل ومحمد عليه الصلاة والسلام، يوم اشتركت القيادة في بدر، قيادة الملائكة مع قيادة الصحابة تحت علم محمد صلى الله عليه وسلم، يقول:
وبيوم بدر إذ يصد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد
من يقول مثل هذا البيت؟ من ينحت مثل هذا الكلام؟
وهذا الحوار سؤال عظيم، أعظم سؤال فيما أعلم، ولعلكم تعلمون ذلك في السنة المطهرة قاطبة، وسوف يرويه لنا إمام معتبر، إن طلبته في الزهد وجدته، وإن استقرأته في الأدب والإشراق والعدل قرأته أبو حفص عمر بن الخطاب، وأنا أستحي منكم أن أعرف عمر! أأقول للبدر يا بدر ما أجملك؟!!
مر أعرابي -بدوي- في الليل بناقة، ولمَّا أتعبه الظلام مرة يسقط ومرة يقوم، وإذا بالبدر قد بدا، والقمر قد طلع، فأصبح يرى مواقع الإبرة في الأرض.
فقال: يا قمر! إن قلت: رفعك الله فقد رفعك الله، وإن قلت: جملك الله فقد جملك الله، وإن قلت: حسنك الله فقد حسنك الله.
وأنا أتقاصر وأستحي أن أقف أمام هذه النهاية من النور عمر بن الخطاب.
أقول: رفعه الله وقد فعل، وجمله الله وقد كان، وحسَّنه الله وقد حصل.
يروي الحديث وأنا أسرده مع الشرح، ثم فيه دروس وقضايا ننتهي بها والله المستعان، وهو الذي يفتح سُبحَانَهُ وَتَعَالى، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.