الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ورفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله وسلم على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي صاحب الغرة والتحجيل، المعلم الجليل، المؤيد بجبريل، المذكور في التوراة والإنجيل صلى الله عليه ما تضوع مسك وفاح، وما ترنم حمام وصاح، وما هدل ورْقٌ وناح وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، سلام الله عليكم يا أبناء التوحيد، ويا حملة التوحيد، ويا أبناء المجدد الموحد الكبير محمد بن عبد الوهاب، سلاماً لا ينقطع إلا بدمع العين.
سلام الله أرفعه إليكم وتهديه الغدو إلى الرواح
يسجله بدمع العين قلبي وأكتبه على متن الرياح
لأجساد بها نهم المعاني وأرواح من التقوى صحاح
إنه معترك عظيم، وصراع هائل، بين لا إله إلا الله وبين لا إله والحياة مادة، معركة عظيمة شعواء بين الإيمان والكفر بين التوحيد والشرك خاضها نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم أجمعين وسلم تسليماً كثيراً، {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ * أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ * قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ * أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ * أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ * أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ * أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ * أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ * أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ * أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ * أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الطور:29 - 43].
{الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ * الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ * وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} [الرحمن:1 - 8].
{وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف:105] {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم:35 - 36] {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص:28].
إن حاجتنا وجوعنا وضمأنا الإيمان كبيرة، وما كثرت معاصينا ومخالفاتنا وفجورنا وبعدنا عن الله إلا يوم ضعف الإيمان، وابتعدنا عن الإيمان إلا ما شاء الله.
محاضرتي هذه الليلة: "صراع بين الموحدين وبين الملحدين.
أما عناصرها فأربعة:
العنصر الأول: الرسل عليهم الصلاة والسلام في صراع عالمي مع الملاحدة: إبراهيم عليه السلام في حوار ساخن مع أحد الملحدين موسى عليه السلام في مناظرة مع كبير الزنادقة محمد صلى الله عليه وسلم واعتراض ملحد في مسألة البعث.
العنصر الثاني: العلماء يغرسون شجرة الإيمان في القلوب: أبو حنيفة يضرب مثلاً لقدرة الباري تبارك وتعالى الإمام مالك يجيب على سؤال عقدي على هارون الرشيد الشافعي يتفنن في استدلاله للقدرة الإمام أحمد يقرر مسألة أهل السنة في إثبات قدرة الباري أعرابي في الصحراء على الفطرة يصلي وحده الفيلسوف الكندي يعارض القرآن، ابن الراوندي يتزندق مستهتراً.
العنصر الثالث: الأدب الإسلامي الموحد المؤمن يتصدى للأدب الكافر الملحد: أبو نواس موحد في شعره أديب السودان يعلن في قصيدته الإيمان منظومة في التوحيد على نهج: (يا ظبية أشبه شيء بالمها): أبو العلاء المعري يعلن تمرده على الشريعة بشارة الخوري يكفر بالدين إيليا أبو ماضي وطلاسمه اللعينة القبيحة ابن هاني يقول على الله الكذب حداثي متستر يستهزئ بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم.
العنصر الرابع: الصراع الحربي القتالي بين التوحيد والإلحاد: بدر وأحد القادسية واليرموك أفغانستان وفلسطين.