وأعظم الأدعية في الإسلام، هو قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201] فهل تركت من الخير شيئاً؟
هل تعلم خيراً ما ضمته هذه الآية؟
هل تعلم معروفاً في الدنيا والآخرة أو فقهاً أو رزقاً لا يدخل في هذه الآية؟
يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة:200] من هم؟
إنهم أعراب حجوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام، فرفعوا أيدهم في عرفات وفي منى وقالوا: اللهم أدر لنا الضرع، اللهم إنا نسألك غيثاً مغيثاً هذا العام، اللهم أنتج لنا إبلنا، وأحي لنا زرعنا ومواشينا.
وهذا كله في الدنيا، فهم لم يقولوا: ربنا اغفر لنا، وما تذكروا أن يقولوا: رحماك يا رب!
وهذا أعرابي ذكروا عنه أنه ذهب فحج، فلما رمى جمرة العقبة في اليوم الأول ذهب مسرعاً ودخل البيت، فلقيه صديق له عند باب الحرم، فقال: مالك؟ قال: أريد أن أدخل قبل أن يدهم الناسُ رب العالمين، أي: يكثروا عليه، سبحان الخالق! فتعلق بأستار الكعبة وقال: يا رب! اغفر لي قبل أن يزدحم عليك الناس.
والله لا تختلط عليه الأصوات، ولا تتغير عليه اللهجات، ولا تتفاوت عليه الحاجات، ولا تتباين لديه النغمات، يعطي كل واحد مسألته مكانه: {يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته مانقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر} خزائن الجود عنده، مهما سأل الإنسان فالله أوسع وأعلم وأحلم وأكرم تبارك وتعالى.
فذم الله من قال ذلك -ربنا آتنا في الدنيا حسنة.
فهو من طلب الدنيا فقط.
فبعضهم تجده يقول: اللهم أحي لي أبنائي اللهم اجمع لي دراهمي اللهم نجح بناتي اللهم إني أسألك أن تثمر تجارتنا لكن ما تذكر الآخرة، فذم الله ذلك الصنف ومدح من قال: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201].
وهناك صنف آخر يطلب الله عز وجل في الآخرة ولا يطلبه في الدنيا شيء، حتى إن بعضهم يطلب على نفسه المرض، وفي حديث صحيح: {أن رجلاً من الأنصار رفع يديه وقال: اللهم ما كنت معذبي به في اليوم الآخر فقدمه لي وعجله لي اليوم، فابتلي بالمرض حتى أصبح كالفرخ -أصبح كالفرخ من المرض- فزاره عليه الصلاة والسلام وقال: يا فلان! أقلت شيئاً؟ قال: قلت -يا رسول الله-: اللهم ما كنت معذبي به من عذاب فقدمه لي، قال: سبحان الله! وهل تطيق عذاب الله؟! بل قل: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201]}.
ومن أعظم الأدعية: اللهم إني أسألك العفو والعافية، يقول العباس: {يا رسول الله! علمني دعاء أدعو به، قال: قل: اللهم إني أسألك العفو والعافية -وبعضهم يزيد كما في المسند لـ أحمد - اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة} فهذا الدعاء عظيم جد عظيم، أن تدعو بالعفو والعافية، العافية في جسمك وأهلك، والعفو من الذنوب والخطايا.