أولاً: في هذا الحديث قضايا:
الأولى: هل كتب الرسول صلى الله عليه وسلم بيده؟ أو هل يقرأ أو يخط؟
لأهل العلم في هذا نظرات، والصحيح أنه ما كتب عليه الصلاة والسلام ولا قرأ، وأنه أمي لا يكتب ولا يقرأ قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة:2] وقال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت:48].
فالصحيح عند أهل العلم والجماهير، أنه ما كتب عليه الصلاة والسلام.
يقول القرطبي: صفة الكتابة صفة كمال في غير الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي فيه صفة نقص، لوكان يكتب عليه الصلاة والسلام لقالوا: اكتتب هذه الصحف وأتى علينا بصحف.
ولذا قالوا: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان:5] كيف يكتتبها صلى الله عليه وسلم وهو لا يكتب؟! والمعجزة فيه أن يكون أمياً، ولذلك يقول جولد زيهر هذا المستشرق الكلب، يقول: ليس العجب أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم نبياً، فإن عيسى وموسى عليهم السلام أنبياء، لكن العجب أن يبقى أربعين سنة في مكة، وليس فيها مدرسة، ولا كلية، ولا جامعة، ولا كتاتيب، ولا عنده شيخ، ثم يظهر بعد الأربعين فإذا هو أعظم مفتٍ في الدنيا، وأعظم خطيب في المعمورة، وأعظم فصيح، وأعظم قائد، وأعظم مربٍّ، وأعظم إداري، وأعظم سائس، هذه هي العظمة، فلو أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ويكتب لقالوا: أنت اكتتبتها.
يقول الكفار بعضهم لبعض: الذي علم محمداً صلى الله عليه وسلم الصحف هو مولى آل فلان، كان قيناً يشحذ لهم السيوف (يصقلها) فيذهب صلى الله عليه وسلم يصقل بعض السيوف، قالوا: يذهب إليه يتعلم منه القرآن، عجيب! هذا المولى فارسي، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل:103].