الحجاج مسلم لكن قتل مائة ألفٍ من المسلمين, أتدرون يوم قتل سعيد بن جبير؟! دخل عليه سعيد بن جبير عالم المسلمين ومحدثهم وزاهدهم, ينصح الحجاج ويوجهه, فيهدده الحجاج وقال له -واسمع إلى المناظرة الساخنة الحارة- قال له الحجاج: من أنت -وهو يعرفه-؟
بينما يذكرنني أبصرنني عند قيد الميل يسعى بي الأغر
قال تعرفن الفتى قلن نعم قد عرفناه وهل يخفى القمر
قال: من أنت؟
قال: سعيد بن جبير.
قال: بل أنت شقي بن كسير.
قال: أمي سمتني وهي أعلم.
قال: شقيتَ أنت وشقيتْ أمك, ثم قال: والله لأبدلنك يا سعيد! بالدنيا ناراً تلظى.
قال: لو كان ذلك لك لاتخذتك إلهاً!
قال: ائتوني بالذهب والفضة, فنثروها بين يديه.
فبكى سعيد بن جبير وقال: يا حجاج! إن كنت جمعت الأموال لتتقي بها من غضب الله فنعمّا فعلت، وإن كنت جمعتها رياءً وسمعة فلن تغني عنك من الله شيئاً.
قال الحجاج وسيفه يقطر دماً من دماء المسلمين ودعاتهم وعلمائهم: علي بالمغنية, فضربت العود مثلما يفعل كثير من الناس, فالحرب قائمة وأهل العلمنة حملوا في وجوهنا السلاح وهو يغني يقول:
هل رأى الحب سكارى مثلنا
يا من هواه أعزه وأذلني
نار يا حبيبي نار!
نار من العلمنة والزندقة والإلحاد, احمل السلاح واترك العود والوتر, فاليوم وقت قتال.
قد لفها الليل بليل معتكر
انزل إلى الميدان وقل كما قال العربي المسلم الأول:
وليس على الأعقاب تدمى كلومنا ولكن على أقدامنا تقطر الدما
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما
ويقول جعفر الطيار جدكم:
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها
علي إن لاقيتها ضرابها
فهذه هي الأصالة والخلود والتعاليم الربانية.
قال: أنشدي؛ فغنت الجارية, فبكى سعيد , قال الحجاج: أبكيت من الطرب؟
قال: ما بكيت من الطرب!
قال: فما يبكيك؟
قال: بكيت أنها جارية سخرت في المعصية.
خلقها الله أمة لله, خلقها الله مسلمة، خلقها الله على الفطرة, من أتى بالمغنية من أهلها، ومن بيتها وأوقفها أمام الشاشة، من قال للمغنية: أن تترك القرآن والمصحف وكتب الحديث وتأخذ العود وتترك أباها وأمها وأخواتها؟ إنهم البشر، وضلالاتهم.
قال: بكيت لأنها أمة سخرت في غير طاعة الله، وعود قطع من شجرة في معصية الله، العود خلقه الله ليكون منفعة للناس وليس وتراًً وعوداً.