إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحييكم بعد طول انتظار وشوقٍ إلى أنفاسكم الغالية، وإلى مجالسكم المرفوعة بذكر الله عز وجل:
يا من يعز علينا أن نفارقهم وجداننا كل شيء بعدكم عدمُ
إذا ترحلت عن قومٍ وقد قدروا أن لا تفارقهم فالراحلون همُ
عنوان هذه المحاضرة "اللهم اهدنا فيمن هديت" وهي من كلام القائد محمد عليه الصلاة والسلام، كلماتٌ غالية نستمع إليها بشوقٍ ولهفة، وننتظرها وكلنا -يعلم الله- قطرات من الدم على مسيرته الغالية صلى الله عليه وسلم.
أما الحديث فرواه أحمد وأهل السنن: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي والحاكم، قال: {علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاءً أدعو به فقال: قل: اللهم اهدني في من هديت، وعافني في من عافيت، وتولني في من توليت، واصرف عني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يعز من عاديت، ولا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت} وزاد الحاكم: {اللهم صلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم}.
وفي الحديث أربعٌ وعشرون مسألة:
أولها: من هو الحسن؟
ثانيها: "اللهم" ومعناها عند أهل العلم.
ثالثها: "اهدني" وكيف يطلب الهداية عليه الصلاة والسلام.
وأقسام الهداية، والهداية العامة والخاصة.
رابعها: كيف يطلب صلى الله عليه وسلم الهداية وقد اهتدى بهداية الله؟
خامسها: الهداية المجملة والهداية المفصلة.
سادسها: طرق الهداية وكيف يصل العبد إلى الله.
سابعها: لا يهتدي العبد إلا على يد الرسل عليهم الصلاة والسلام.
ثامنها: قوله سبحانه: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة:13].
تاسعها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف:43].
عاشرها: ما معنى "وعافنا في من عافيت" وما هو العفو؟
الحادية عشرة: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران:134] من هم؟
الثانية عشرة: معنى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة:43].
الثالثة عشرة: معنى: {اللهم إني أسألك العفو والعافية}.
الرابعة عشرة: "وتولني في من توليت" من هم أولياء الله؟ وما هي صفاتهم؟ وما هي سماتهم؟
الخامسة عشرة: بم تنال الولاية؟
السادسة عشرة: صفات الأولياء.
السابعة عشرة: قوله عليه الصلاة والسلام "وبارك لي فيما أعطيت".
الثامنة عشرة: "وقني شر ما قضيت" هل ينسب الشر إلى الله عند أهل السنة؟ ومن الذي كتب الشر على الناس؟ وهل يقدر الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى الشر؟
التاسعة عشرة: معنى "إنك تقضي ولا يقضى عليك" لا معقب لحكمه سبحانه.
العشرون: "إنه لا يذل من واليت" ما هي الذلة؟ وما الفرق بين قوله ولا يذل وبين قوله: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة:54]؟
الحادية والعشرون: رواية النسائي والبيهقي زادت "ولا يعز من عاديت".
الثانية والعشرون: "تباركت ربنا وتعاليت" ما هي البركة؟ وهل يقال للعبد: تباركت؟ وهل فيها اشتقاق أم لا؟
الثالثة والعشرون: زاد النسائي "وصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم".
الرابعة والعشرون: زاد الحاكم وابن حبان: {علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود أن أقول هذا الدعاء}.
أما راوي الحديث فهو الحسن بن علي بن أبي طالب، جده رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأبوه علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة الزهراء البتول، والحسن بن علي سيد الجماعة، وهو الذي دفع الفرقة عن المسلمين، والذي كف سيف القتل قبل أن يودي بحياة الألوف المؤلفة فيما بعد صفين.
حسن الذي صان الجماعة بعدما كادت سيوف المؤمنين تثلمُ
من جده حمل الشريعة وابتنى صرح العدالة لا يضرجه دمُ
يقول أحد الناظمين:
وقسموا الحديث عن جد الحسن إلى صحيحٍ وضعيفٍ وحسن
فـ الحسن هذا هو الحسن بن علي، أدرك الرسول عليه الصلاة والسلام ومات عليه الصلاة والسلام وعمر الحسن خمس سنوات، منظر الرسول صلى الله عليه وسلم في دمه وعينيه وقلبه:
من زار بابك لم تبرح جوانحه تروي أحاديث ما أوليت من مِننِ
فالعلم عن قرة والكف عن صلةٍ والقلب عن جابرٍ والسمع عن حسنِ