Q هل من أحب وأخفى في نفسه فمات كان من الشهداء؟
صلى الله عليه وسلم مقصود الأخ: أن من أحب حب الهيام، وحب الوله والغرام والجوى والعشق، هل يكون من الشهداء، أما الحديث الذي ذكره ابن خلكان قال: {من عشق فعف فكتم فمات مات شهيداً} لا يصح.
قال ابن القيم: ليس عليه علامات النبوة، وليس من كلامه صلى الله عليه وسلم، قالوا: إن الحديث أتى من طريق سويد بن سعيد؛ قال يحيى بن معين: لو أن عندي فرساً وسيفاً لغزوت سويد بن سعيد من أجل هذا الحديث -أي: حاربته- لأن هذا ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم.
ولكن على أي حال من أحب فكتم فأجره على الله، لكن يكتم ولا يصل إلى فاحشة، ولا يصل إلى جريمة، وإنما هي مصيبة ابتلي بها، وبعض الصالحين أصيبوا بهذا الداء وماتوا فأسأل الله أن يأجرهم، وهي من المصائب التي يصاب بها العبد، لكن أنه من الشهداء ليس من الشهداء، وذكر ذلك جرير بقوله:
إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله إنسانا
وقال المتنبي:
وأنا الذي جلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل
مثل هؤلاء عليهم أن يستغفروا الله وأن يتوبوا، وأن يلجئوا إلى الله عز وجل، وألا يصروا على ما فعلوا، وألا يزاولوا آثار هذا الحب بشيء من الحرام، بل يفروا إلى الله؛ قال الله: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات:50] وابن الجوزي يقول هذا حتى يقول أحدهم:
بين عينيك علالات الكرى فدع النوم لربات الحجل
قد كتمت الحب حتى شفني وإذا ما كتم الداء قتل
لكن العبد عنده من الإيمان ومن الذكر والعمل الصالح ما يكفيه عن هذا.