Q ما رأيك في من يذهب للجهاد في بلاد أفغانستان تاركاً وراءه أهله وأولاده ووالدَيه، وهم غير راضين عنه، وهم أحق بالجهاد عليه؟
صلى الله عليه وسلم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
صاحبُ السؤال -مِمَّا عرض في سؤاله- كأنه يجيب نفسه بنفسه.
والحقيقة: الجهاد الأفغاني جهاد إسلامي يفخر به كل مسلم، ونسأل الله عز وجل أن يمكنهم تحت راية لا إله إلا الله وأن ينصرهم على أعدائهم.
ومسألة الذهاب إلى أرض أفغانستان مسألة طالما تُكُلِّمَ فيها في مناسبات، وتَكَلَّمَ عنها أهل العلم والمفكرون والدعاة كلاماً طويلاً لا يخفى على كثير من الناس.
أما بالنسبة لمن يذهب هناك: فإن مما ظهر من كلام أهل العلم وفتاويهم: أن الجهاد في أفغانستان فرض عين، ولا بد من إذن الوالدين إذا أراد الذهاب إلى هناك، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث قال لمن سأله: {أحيٌّ والداك، أو أحدهما؟} فإن أجابه بنعم، قال: {ففيهما فجاهد} وقال لليمني لما سأله: {أحيٌّ والداك؟ قال: أمي حية، قال: فالزم رجلها، فإن الجنة عند رجلها} رواه: النسائي.
فإذا عُلِمَ هذا، فإنه لا بد من إذن الوالدين، وهذا الذي دلت عليه النصوص.
والعجيب: أن بعض المفسرين قالوا: أهل الأعراف الذين ذكرهم الله عز وجل في قوله: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ} [الأعراف:46] قالوا: هم قوم أسكنهم الله في جبل بين الجنة والنار كجبال الدنيا؛ وهم قوم قُتِلوا في سبيل الله، وما استأذنوا آباءهم وأمهاتهم.
فهم تحت رحمة الله عز وجل.
فلا بد من إذن الوالدين، ومما ظهر من فتاوى أهل العلم، أن الجهاد هناك فرض عين، ومَن عنده عائلة وأطفال وليس لهم عائل إلا هو، فلا بد من البقاء معهم؛ إلا أن يداهم البلد عدو، أو يكون هناك أمر أخطر من الحادث الذي لا يَجِدْ معه إلا هذا المجاهد، أو لا يجد نفسه إلا في مقام المضطر؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {كفى بالمرء إثماً أن يضيع مَن يقوت} وفي رواية: {مَن يعول} وهو حديث صحيح.
فالذي عنده أطفال وزوجة وبنات، وليس لهم عائل بعد الله إلا هو، إذا ذهب إلى الجهاد، ورزقه الله الشهادة، مَن يُرَبِّ هؤلاء الأطفال؟ ومَن يقِف مع هؤلاء البنات؟ ومَن يَحْمِ أعراضهن وأعراض بيته، ويقف معهن ويقوتهن؟ وهذا من الإسلام.
قال تعالى: {بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة:14].
وهذا ما يحضرني في هذه العُجالة عن هذا الجهاد.
وأدعوكم إلى كثرة الدعاء للمجاهدين، وبذل المال فهم بحاجة إليه، وهم وقفوا في ثغرة طالما كانت مفتوحة حتى وقفوا فيها، فهم يستجدون من الله النصر صباح مساء.
نسأل الله أن ينصرنا وإياهم إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.