إن الله عز وجل جعل نعيم المسلم في الآخرة؛ لأن الستين سنة لا تُمَكِّنه من التمتع بالنعيم، ولا تُمَكِّنه من التمتع بالهدوء، والدنيا ما نظر الله إليها منذ خلقها؛ احتقاراً لها، فكيف تجعلها أنت مصيرك وهدفك ومستقبلك؟ يقول جل ذكره: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يونس:7 - 8].
إن الذي يعيش لهذه الستين سنة ويجعل هدفه في الحياة منزلاً، أو زوجة أو سيارة أو شهرة أو منصباً أو أي متعة من متع الحياة؛ إنسان لا همة له ولا مستقبل ولا عزيمة ولا نور ولا إشراق في صدره؛ لأنه باع حياته بأخراه، ونعوذ بالله من الخسارة.
والله أرادك للآخرة، فلماذا تريد نفسك الدنيا؟
يقول بعض الصالحين: "دنيا إذا صحَّ بدنُك فيها خفتَ من السقم، وإذا اغتنيتَ فيها خفتَ من العدم، وإذا اجتمع أبناؤك عندك خفتَ عليهم من التلف، وإذا ارتحتَ خفتَ من الهم، فأين الراحة فيها؟! ".
طُبِعَتْ على كَدَرٍ وأنتَ تريدها سِلْماً من الأوباش والأكدار؟
ويقول أبو الفتح البستي في منظومته الشهيرة، وهو يعظ العالم الإسلامي:
يا متعب الجسم كم تسعى لراحته أتعبتَ نفسك فيما فيه خسرانُ
أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسانُ
يا ساعياً لخراب الدار مجتهداً بالله هل لخراب الدار عُمرانُ