من علامات المنافق: حذف صلاة الفجر من جدوله، قرأت مقابلة في صحيفة لأحد الناس، قالوا: متى تصلي الفجر؟ قال: أصليها الساعة الثامنة، وهو يزكي نفسه في المقابلة، ويظهر أنه متحمس ويحب الدين والصلاة، ويريد أن يقرأ الناس الصحيفة ليعلموا أنه يصلي الفجر لكن الساعة الثامنة، فهل يقبل الله صلاته في الثامنة؟! وهل يستحق هذا أن ينظر إليه؟! وهل يعلق عليه أمل؟!
أردنا منك صلاة الليل فتركت الصبح، حرصك على النوم الطويل أوقعك في الخطأ الوبيل!
فما أطال النوم عمراً وما قصر في الأعمار طول السهر
وما أحب الله من قلبه رهن بأيام الهوى والوتر
من لم ينر بالذكر ليل الدجى تجيش بالظلمة تلك الحفر
{بشر المشائين في الظلم بالنور التام يوم القيامة} وهذا من كلامه صلى الله عليه وسلم فيما يروى عنه.
[[قيل للحسن البصري: لماذا صفت وجوه المتهجدين بالنور؟
قال: خلوا بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره سبحانه]].
صلى أسيد بن حضير أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فدنا الحرس، وتحرك الفرس دنا الحرس من السماء -الملائكة- وتحرك فرسه، فأخبر الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال: {تلك الملائكة تنزلت للقرآن، ولو بقيت تقرأ لأصبح يراها الناس لا تتوارى منهم} وقال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر:7].
نحن ندعي أننا أمة الخلافة، ولا يحضر لصلاة الفجر إلا صف واحد، إذن فلو بدأ قتال الكفار، لما وجدنا ولا صفاً.
من خان حي على الصلاة يخون حي على الكفاح
هاتوا من المليار مليوناً صحاحاً من صحاح
وزع عليه الصلاة والسلام الغنائم، فأعطى مسلمة الفتح وترك أبطال الفتح، فجرى همس العتاب بالأصحاب، فخلى الأنصار بالمختار عليه الصلاة والسلام، فبين لهم سر المسألة وقال: {أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتعودون بالرسول صلى الله عليه وسلم؟ فوالذي نفسي بيده لما تعودون به خير مما يعود به الناس} وصدق المعصوم عليه الصلاة والسلام، فإنه نصيب الأنصار من الغنائم، ونصيب أولئك البهائم:
خذوا الشياه والجمال والبقر فقد أخذنا عنكم خير البشر
يا قسمة ترفع رأس مجدنا حزنا اليواقيت وقد حازوا البعر
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً * كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً} [الإسراء:18 - 21] الأبرار يأتون إلى مسجده عليه الصلاة والسلام من بني سلمة، ويتخلف الظَلَمة عن صلاة العتمة، فقام منذراً وصاح محذراً: {والذي نفسي بيده! لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم أخالف إلى أناس لا يشهدون الصلاة معنا فأحرق عليهم بيوتهم بالنار}
أشعل بيوت الناكثين بأهلها واقلب وجوه السود صوب النار
يتخلفون عن الصلاة دناءة ألهاك يا سهران ضرب الطار
بلال يناديك من أعلى المنارة، وأنت نائم في العمارة، لو أطعت بلالاً لدخلت في مسمى الرجال: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:37] كان المنافقون يتخلفون عن صلاة العشاء والفجر، لأنه لم يكن في المدينة كهرباء في ذاك العصر، فلما أضاءت الكهرباء ظهر الوباء.
أشعل النمرود الفتيل، وسُعر النار في الأصيل ورمى فيها بالخليل، فأطفأها حسبنا الله ونعم الوكيل.
الأعداء سطروا لكم، فخذوا حذركم، إن الناس قد جمعوا لكم، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
أبرمت خيوط الفتنة، ونسجت حبال المحنة، ونقض عهد الهدنة، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
اتفق المنافقون، واجتمع المارقون، وقلَّ الصادقون، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
سألتك لا تكلني للأعادي فقد أسكنت حبك في فؤادي
فزودني من التوفيق زاداً عطاؤك يا إلهي خير زاد
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر:36].