هذه هي العظمة، العظمة من قوة، من مركزية هائلة، ليست العظمة التي يبحث عنها وهو على التراب، إنسانٌ فقير معدم مسكين ويتواضع، هذا شيء طيب؛ ولكن إنسانٌ من أعظم الناس، ومن أشجع الناس، ومن أجل الناس ويتواضع، هذا عظيم وأيُّ عظيم نعم، سيّر الحب في القلوب فأحيا به الأرواح.
ووالله الذي لا إله إلا هو إن من أعظم الظلم أن يوضع في بيوتنا وفصولنا وجامعاتنا ومدارسنا عظماء وهم حقراء.
هل هتلر عظيم؟ وهو قاتل الإنسان، شارب دم الإنسان!
هل نابليون عظيم؟ وهو متهتك الحرمات، الفاجر في المحرمات، ماركس الكلب اللعين!
يُدَرَّسون، وتُوَرَّد حضارتهم للأنسان، وأين أعظم عظيم؟
يقول محمد إقبال في مقطوعته (فاتح مكة):
يا رسول الله، انصب خيامك في الصحراء
وخذ أطنابك من قلوبنا
وابْنِ مجدَك على جماجمنا
ويقول:
يا رسول الله، معذرةً! أنا هندي
تعاطفتُ مع دعوتكَ
لأن العرب خانوا دعوتكَ
{فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام:89].
كَفَر بها أبو جهل، وألفُ ألفٍ من أمثال أبي جهل، فأتى سلمانُ يقول: آمنتُ بالله.
وكفر بها أبو لهب، فأتى بلالٌ يقول: آمنتُ بالله.
وكفر أمية بن خلف، فأتى صهيبٌ من بلاد الروم يقول: آمنتُ بالله.
نعم.
وخذ أطنابك من قلوبنا
وابْنِ مجدَك على جماجمنا
أي عظمة؟ وأي تواضع؟ وأي سيما؟
إن من يتحدث عنه صلى الله عليه وسلم ليَعْجَز؛ ولكن أُطالب نفسي وإياكم أن تقرءوا ترجمته وسيرته، خالصة ممزوجة بالحب، ليست ترجمة الوفيات، ولا التنقل والغزوات، ولكن ترجمة الحياة، والرَّوح، والياسمين، واليقظة، والإملاء العقلي والروحي الذي يصل إلى القلوب في القرآن، والسنة، والسيرة.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.