صحيح البخاري تجرد لكتابة الصحيح فحسب بمشورة الإمام شيخ البخاري الشيخ إسحاق بن راهويه وميزة صحيح البخاري ثلاث ميز وهي كالتالي:
1/ الصحة المتناهية، والشرط القوي في إيراد الحديث: إذا كان الحديث في البخاري فهو حجة.
2/ كثرة الفوائد: ففيه من التعليقات وكلام الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وبعض الاستنباطات.
3/ جودة التبويب والترتيب، فإنه دبجة ووسحه بتبويب وترتيب عجيب عجيب!!
أما الملاحظات فلا يعفى منها إلا كتاب الله عز وجل، وأما الكتب غيره فإنه قد تدخلها الملاحظات، ومن نحن أن نلاحظ، لكن قد يأتي المفضول ويلاحظ على الفاضل.
هناك بعض التعليقات تحتاج إلى خدمة وخدمها ابن حجر، وهناك كثير من التكرار حتى أنه كرر حديثاً واحداً ما يقارب سبعة وثلاثين مرة وهو يريد التكرار للفائدة، لكن طالب العلم يوم يأتي يتكرر معه الحديث دائماً قد لا يرتضي هذه الطريقة ويحبذ طريقة مسلم: أن يورد الحديث في مكان واحد.
ومنها أن الكتاب ينقصه جودة التبويب، فإنك تبحث عن الحديث في النكاح فلا تجده إلا في الغزوات، وتبحث عن حديث في الغزوات فتجده في التفسير، وعن حديث في التفسير فتجده في التوحيد، فالبحث عن الحديث في كتاب البخاري متعب وشاق.
أما اختصارات البخاري فاختصره الزبيدي في كتاب التجريد الصريح وهو مجلد لطيف، حبذا أن يكون معك، وأن تكرره ثلاث مرات أو خمس مرات، فإذا كررت هذا الكتاب يقع فيما يقارب ثلاثمائة صفحة فكأنك قرأت البخاري كله، وسوف تعرف هل الحديث في البخاري أم لا في قراءة هذا الكتاب الذي لا يأخذ منك أسبوعاً كاملاً.
واختصره الألباني في مختصر، لكن ما أتمه، وقد أجاد الاختصار، أما طريقة الزبيدي في التجريد الصريح فإنه حذف الأسانيد والمكررات والأبواب، وأبقى اسم الصحابي، وأتى بمتن الحديث، وإذا كان فيه زيادة أشار إليها، فقد أحسن إحساناً كثيراً، والألباني يشير إلى الأبواب والمواطن وأتى بالحديث فكبر حجم المختصر.
أما شروح البخاري، فشرح بما يقارب ثمانين شرحاً، وعند المسلمين الآن أعظم الشروح البارزة ثلاثة:
1/ فتح الباري للإمام ابن حجر العسقلاني.
2/ وإرشاد الساري للعلامة القسطلاني.
3/ وعمدة القارئ للشيخ العيني.
فأما فتح الباري فقد قال الناس للشوكاني: ألا تشرح لنا صحيح البخاري؟ قال: لا هجرة بعد الفتح، أي بعد فتح الباري، وحديث: {لا هجرة بعد الفتح- أي: فتح مكة - ولكن جهاد ونية} حديث متفق عليه عنه صلى الله عليه وسلم.
وفتح الباري من أحسن الكتب! فقد أجاد كل الإجادة ولو كان عند المسلمين معجزة من التأليف لكان فتح الباري وفتح الباري بديع جد بديع في إيراداته، وفي قوته العلمية، وفي فنونه، وفي رشاقته، وفي قوته العلمية، وثقة مصادره، ولكن الرجل في العقيدة تقلب على ثلاثة أحوال:
1/ مرة سكت على معتقد السلف.
2/ ومرة أوَّل.
3/ ومرة أقر مذهب السلف.
ولكنه من أهل الخير والصلاح والعلم والنبل الذي نفع الله بهم الإسلام والمسلمين كثيراً.
أما العيني فـ فتح الباري أحسن من عمدة القارئ لكن يمتاز باللغويات والأدبيات وكثرة الشواهد النحوية، لكن لا يرقى في الحديث لدرجة ابن حجر العسقلاني.
وأما القسطلاني فهو أشبه بالرموز لكن فيه هبة صوفية قليلاً، وروحانية من ذاك النفس، فيتنبه من هذا الباب، لكنه لا يستحق البسط كثيراً، هذه كتب الحديث وصحيح البخاري.
وهناك شرح لو خرج لكان هو الشرح الصحيح، وهو الشرح الراجح شرح ابن رجب، وقد رأيت منها ما يقارب ثلاثمائة صفحة مصورة من مخطوطة وهو من أجود ما كتب، جاء فيه بكل عجيب، وإذا أردت أن ترى سمو ابن رجب في شرح الأحاديث فانظر إلى جامع العلوم والحكم، كيف أبدع فيه إبداعاً عجيباً؟!
أما مكانة صحيح البخاري فهو في المرتبة الأولى بعد كتاب الله عز وجل كما قاله ابن تيمية في المجلد الأول، أما تبويبه فبديع على ثلاثة أصناف: مرة يأتي بالباب من الحديث، ومرة يأتي بالباب استنباطاً من عنده، ومرة يأتي بالباب استنباطاً مظنوناً ليس أصلاً في الحديث، ولكن لا تدري أنت حتى يتوقف كثير من الشراح ما مناسبة الباب؟ وما مناسبة الترجمة للحديث والباب للمتن؟
أما فوائده فهي كالتالي:
1/ أنه يكرر الحديث فيكثر مخرجوه من المشايخ والأسانيد.
2/ أنه يأتي بالمعلقات كثيراً فيشحن الحديث بعلم.
3/ أنه يبوب ويستنبط لك، فهو فقيه التبويب، وفقهه في أبوابه رحمه الله.