من هو أدنى أهل الجنة منزلة؟ أي أقلهم منزلة، أو أقلهم حظاً في الجنة.
في صحيح مسلم أن موسى سأل ربه عن أدنى أهل الجنة منزلة، والأسئلة العقدية دائماً مع موسى، ولذلك يقول ابن تيمية: هو من أجرأ الأنبياء، لما كلمه الله، قال: ربِّ أرني أنظر إليك، ولذلك صلح لبني إسرائيل، ولما غاب عنهم استضعفوا هارون عليه السلام فعبدوا العجل، فلما أتى أراهم النجوم في رابعة النهار، ولذلك يخافون منه لأنه قويٌ شجاع من أشجع الناس، أزال بيده الصخرة التي لا يزيلها المجموعة: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص:26] فهو قوي أمين يخاف الله وقوي ولذلك يقولون: لما أرسله الله عز وجل -عند بعض أهل السير وأهل التواريخ- إلى فرعون أتى بعصا -فقد كان يرعى الغنم بعصاه- فأتى إلى باب فرعون وعلى باب فرعون ستة وثلاثون ألف حارس، فأخذ يضرب الباب.
بعض الناس يمر بأبواب فرعون ويكظم أنفاسه، ولا يعطس، ولا يتثاءب حتى يمر، وهذا يضرب الباب، قالوا: من؟ قال: موسى، قالوا: من موسى؟ قال: ابن عمران، قالوا: ماذا تريد؟ قال: أدعو فرعون إلى الله، ولذلك قالوا: مجنون، ثم دعاه في قصةٍ طويلة.
فعلى كل حال ورد عنه أسئلة طويلة منها في الصحيحين، أنه التقى بآدم عليه السلام، لا ندري أين التقيا لكن الظاهر والصحيح الذي يؤيده ابن الجوزي وبعض المحدثين أنهما التقيا في السماء، وبعض العلماء قال: يلتقون يوم القيامة، بينما يقول صلى الله عليه وسلم: {تحاج آدم وموسى} أي: التقيا ووقعت المحاجة والمناظرة: {احتج موسى وآدم، قال موسى عليه السلام لآدم: أنت آدم الذي خلقك الله بيده؟ ونفخ فيك من روحه؟ وأسجد لك ملائكته؟ خيبتنا، وأخرجتنا من الجنة -هذا نصٌ في الصحيحين يقول: دخلنا الجنة ولو بقيت في الجنة ما كنا خرجنا إلى الدنيا نعصي الله، ويسفك بعضنا دماء بعض، وتأتي منا المخالفات، لماذا لم تجلس مكانك؟ خيبتنا، وأخرجتنا من الجنة! - فقال آدم: أنت موسى الذي كتب الله لك التوراة بيده، وكلمك تكليماً؟ قال: نعم.
قال: فكم وجدت أن الله كتب عليَّ ذلك قبل أن يخلقني؟ قال موسى: بأربعين عاماًً، قال: أفتلومني على شيءٍ قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين عاماً، فقال محمد صلى الله عليه وسلم: فحج آدم موسى، فحج آدم موسى، فحج آدم موسى} أي: غلبه.
وهذه لها شرحٌ عندي لـ ابن تيمية من أحسن ما يكون، كالعسل المصفى في المحاجة، أما أهل البدعة: فقد جعلوا آدم جبرياً وموسى كأنه قدري عليهم غضب الله، يحتجون بكلامهم، وهذا ليس مقام بسط، وهناك محاضرة في شريط بعنوان (أهل السنة بين الجبرية والقدرية) من بحث عليه وجد فيه شرح هذا الحديث.
يقول صلى الله عليه وسلم: {قال موسى عليه السلام: يا رب! ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: يا موسى! أدنى أهل الجنة منزلة -والحديث عند مسلم في الصحيح من حديث المغيرة بن شعبة - قال: يا موسى! أدنى أهل الجنة منزلة، رجلٌ يدخل الجنة بعد ما يدخل الناس ويأخذون أعطياتهم ويأخذون مقاعدهم، فيسأل الله أن يعطيه، فيقول له الله: أما ترضى أن يكون لك مثل مُلك ملك من ملوك الدنيا؟ قال: يا رب! أتستهزئ بي وأنت رب العالمين؟! -فيضحك عليه الصلاة والسلام، وهذه رواية مسلم - قال: لا أستهزئ بك، فيقول الله: إن لك مثل ذلك ومثله؛ قال: رضيت يا رب، قال: فإن لك ذلك وعشرة أمثاله} هذا أدناه فكيف بأعلاه!! ولذلك في الحديث: {أولئك الذين أردت، غرستُ كرامتهم بيدي، فلم ترعين ولم تسمع أذن وما خطر على قلب بشر} أو كما قال عليه الصلاة والسلام.