روى أهل التاريخ والسير والرقائق والتراجم بأسانيد صحيحة كالنجوم: أن صلة بن أشيم رضي الله عنه وأرضاه حضر معركة في الشمال مع جيش الإسلام, فلما أظلم الليل عليه خلا بالله عز وجل في ليلة عامرة بالذكر والمناجاة ولذلك يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في الحديث القدسي: {أنا جليس من ذكرني} فقام يصلي ويدعو, ويناجي ربه ومولاه حتى أظلم عليه الليل, قال أحد أصحابه: فرقيت شجرة من حيث أراه ولا يراني, وإذا بالأسد يخترق الغابة إلى صلة بن أشيم , فيقف بجانبه وهو يصلي لله الواحد الأحد, جعل بينه وبين الله صلات يوم أن تقطعت صلات الذين لا يريدون وجه الله, يوم أن تقطعت وشائجهم وأعراقهم؛ لأنهم أرادوها لغير الله فلما انتهى من صلاته نظر إلى الأسد وقال: يا حيدرة! -وحيدرة من أسماء الأسد- إن كنت أمرت بقتلي أو بأكلي فتقدم, وإن كنت لم تؤمر بذلك فاذهب في أرض الله, واتركني أناجي الله.
قال: فزأر الأسد زئيراً كاد يخلع قلبي، ثم انطلق, واستمر صلة في صلاته، فلما أصبحنا رأيت من الفتور والكسل ما الله به عليم, ورأيت صلة وجهه كفلقة القمر ليلة أربعة عشر.