عمير بن وهب وصفوان بن أمية -وهما مشركان، وقد أسلما فيما بعد، وأبو صفوان اسمه أمية بن خلف قتل في بدر مع صناديد قريش.
قال صفوان: يا عمير بن وهب، تذهب تقتل محمداً بـ المدينة وأنا عليَّ بأطفالك ومالك وأكون رشيداً ووالياً عليهم.
قال: يتشاورون عند ميزاب الكعبة، والرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة.
فقال عمير بن وهب: أذهب.
فقال له صفوان: لا يأتي بعد عشر إلا وقد ظهر الخبر بمقتله، قال: لا عليك.
فسم سيفه حتى صار أزرق، ثم ذهب، فلما وصل إلى المدينة رآه عمر قد أقبل، فما تمالك عمر نفسه، وكان رجلاً قوي البأس شديداً.
ومن اللطائف التي ذكرها بعض المشايخ والعهدة عليهم: أن عمر رضي الله عنه وأرضاه كان يحلقه حلاق أيام منى، فعطس عمر فأغمي على الحلاق، كان قوياً جداً، قويَ جسمٍ وقوي فكر، وهو عملاق عبقري، وقوي في كل شيء.
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها بفضل ربك حصناً من أعاديها
فلما وصل أخذه عمر بتلابيب ثيابه وسيفه، وأخذ يجره جراً حتى سلمه للرسول صلى الله عليه وسلم {قال صلى الله عليه وسلم: ما لك يا عمير، ما قدم بك؟
قال: قدمت للأسرى هؤلاء أفتديهم بمال.
فتبسم عليه الصلاة والسلام وقال له: بل جلست أنت وصفوان عند الكعبة، وقال لك كذا وكذا، وقلت له كذا وكذا، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله} فإحاطة الله هي التي نقلت الخبر إلى الرسول عليه الصلاة والسلام: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [المجادلة:7] فسبحان من وسع علمه كل شيء!
قال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة:1] قالت عائشة رضي الله عنها وأرضاها: {سبحان من وسع علمه كل شيء وسمعه كل شيء، والله الذي لا إله إلا هو إن امرأة أوس بن الصامت دخلت على الرسول عليه الصلاة والسلام -وبيت الرسول عليه الصلاة والسلام وعائشة صغير- وإنها لتناجيه في طرف البيت وما سمعت ماذا تقول حتى أنزل الله عز وجل {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة:1]} البيت ثلاثة أمتار فيما قدره بعض أهل العلم، ومع ذلك تنصت عائشة لتسمع كلمة، لكنها لم تسمع، ولكن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة:1] أي: ما قلت أنت وما قالت هي.