فالحذر الحذر يا شباب الإسلام من أن تغلب علينا أهواؤنا، فإذا أحببنا الشيء مِلْنَا بالكلية إليه, وقد جاء في الأدب المفرد للبخاري، والألباني يجعله من كلام الرسول عليه الصلاة والسلام, وأظن كما قال كثير من العلماء أنه من كلام علي رضي الله عنه: [[أحبب حبيبك هوناً ما فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما فعسى أن يكون حبيبك يوماً ما]].
إن حب الناس بالعاطفة لا يجدي, والانسياق وراء العاطفة ليس بصحيح، وبعض الشباب إذا أحب شخصاً -ولو كان عالماً أو داعية أو فاضلاً- كساه من المحاسن كأنه معصوم أو كأنه نبي مرسل، فيقول: لا يخطئ، ولا يمكن أن تأتي منه نادرة, ومثله يقول الحق ولا يقول الخطأ, فيتقمص شخصية ذاك ولا يراجعه ولا ينقده, أو لا يعرض كلامه على الكتاب والسنة، قال مالك رحمه الله: [[ما من امرئ إلا راد ومردود عليه، إلا صاحب ذاك القبر عليه الصلاة والسلام]].
فالرسول عليه الصلاة والسلام هو وحده المعصوم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما من أحد إلا يحتاج لأن يحتج لقوله، إلا الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه يحتج بقوله.
وقد سبق معنا في دروس أنه لا بد للعبد من معصوم -وهو الرسول عليه الصلاة والسلام- يأخذ بأقواله, ولا بد أن يعرض أقوال غيره على أقواله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: [[يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال الله ورسوله، وتقولون: قال أبو بكر وعمر]] هذا وهو أبو بكر وعمر، فما بالك بغيرهما رضي الله عنهما؟!
من الشباب أيضاً: من إذا رأى خصلة واحدة مذمومة في شاب؛ سابّه وهجره وقطعه، وأخذ منه موقفاً حاداً، ولا ينظر لبقية المحاسن فيه، والولاء والبراء، والحب والبغض عندنا نسبي, وقد يجتمع في الشخص الواحد حب وبغض تحبه لطاعة؛ لأنه يحافظ على الصلوات الخمس، وتبغضه لأنه يشرب الدخان تحبه لأنه يبر والديه، وتبغضه لأنه يستمع الغناء، فعلى العبد أن يكون عادلاً وأن يكون ميزاناً، ولا يميل بالكلية إلى جهة من الجهات.
كذلك بعض الفئات وبعض الجماعات فيها خير وفيها نقص؛ فعليك أن تحبها للخير الذي فيها، وتنصحها وتنبهها على النقص الذي يكمن فيها؛ لأن أفرادها ليسوا معصومين وليسوا بأنبياء، لكن التنبيه والنصيحة لابد منها؛ حتى لا يقع الناس في هذه الأخطاء المتكررة.