من بر الوالدين صلة قرابتهما

يأتي عليه الصلاة والسلام بعدما فتح الطائف، يوزع الغنائم على الناس، وإذا بـ الشيماء بنت الحارث أخته من الرضاعة، أرضعته وإياها حليمةُ السعدية في بني سعد في جوار الطائف، وأخبر الناسُ هذه المرأة أنها أخت الرسول صلى الله عليه وسلم، فقدمت عليه، وهي عجوز كبيرة في السن، فأخذت تخترق الصفوف وعليها مظلة تظللها من الشمس، وتقول: أين رسول الله؟ فاقتربت منه صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله! أنا أختك من الرضاعة، فلما سمع كلمتها قام فعانقها وبكى وأجلسها مكانه، وقام يظللها من الشمس، وأخذ يقول: كيف حالكم؟ كيف أهلكم؟ كيف أطفالكم؟ ثم قال لها: {الحياة حياتي، والموت موتي، أتريدين الإقامة معي أم تريدين الذهاب أمتعك إلى أهلك متاعاً حسناً؟ قالت: المتاع الحسن، فأعطاها مائة ناقة، وسألها أن تزوره، وأخذ يودعها وهو يبكي حتى اختفت عن العيون} والناس يلحظون بره عليه الصلاة والسلام لأن من يخاف موعود الله عز وجل يبقى باراً بقرابته وبوالديه {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد:22 - 23].

لكن بر الوالدين لا يأتي إلا بالإيمان، وبالخوف من الواحد الديان، ويوم نربي بيوتنا على (لا إله إلا الله) ونحبب المساجد لأطفالنا، ويوم نقربهم من الله، حينها ينشئون نشأة إسلامية إيمانية ترضي الله الواحد الأحد.

أما من ربى أولاده على الغناء، والتطبيل، وعلى ضياع الوقت، وقرناء السوء، والتمرد على آيات الله، فكيف يريد أن يكونوا بارين به؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].

فندعو أنفسنا وإخواننا المسلمين إلى بر الوالدين، والعطف عليهما، والحنو بهما، والدعاء لهما بظهر الغيب، ومن أساء فليحسن، ومن أذنب فليستغفر، ومن قصر فليكمل، ومن كان عاقاً وقد مات والداه فليبرهما بعد موتهما؛ ليكتبه الله باراً في الخالدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015