أقسام بر الوالدين

وبر الوالدين على قسمين:

بر الأم، وبر الأب.

الرسول عليه الصلاة والسلام يأتيه رجل -والحديث متفق عليه- فقال: {يا رسول الله! مَن أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك}.

قال أهل العلم: بين عليه الصلاة والسلام أن للأم ثلاثة أرباع الحق، وللأب ربعاً من الحقوق.

ولذلك اجتهد الصالحون في برهم بأمهاتهم.

فقد مر ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه برجل من أهل اليمن، وقد حمل أمه على كتفيه في حرارة شمس مكة، وهو يطوف بها، وقد سال العرق على جبينه في الظهيرة، فقال: [[يا ابن عمر! أسألك بالله، أجازيتُ أمي بما قَدَّمَت لي؟ قال ابن عمر: لا والذي نفسي بيده ولا بزفرة من زفراتها]].

معنى الكلام: لَطَوافك بالبيت، وهذا الضنك والمشقة التي وجدتها لا تساوي زفرة من زفراتها، أو طلقة من طلقاتها في وقت الولادة، لا يساوي بر الابن بأمه طيلة ستين أو سبعين سنة.

خرج عمر رضي الله عنه، وأسكنه فسيح الجنات، وجمعنا به وأرانا ذاك الوجه الكريم خرج في ظلام الليل بعد صلاة العشاء يتفقد الناس، ونزل إلى خيامٍ حول المدينة وفيها فقراء من بوادي العرب، فأتى إلى خيمة، فسمع امرأة تصيح وتبكي وهي في الطلق، فوقف عند باب الخيمة، وهو يرتجف كالعصفور من شدة البرد ويبكي رضي الله عنه وأرضاه، فقال له مولاه أسلم: [[ما لك يا أمير المؤمنين؟ قال: إنك لا تدري يا أسلم! ماذا تجد من ألم الولادة]] ثم ذهب رضي الله عنه في قصة طويلة، وأتى بطعام لها، وصنع لها عشاءً، حتى قالت: والله إنك أحق من عمر بن الخطاب بالخلافة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015