من قصص عبدة الدنيا

يذكر ابن الجوزي في صيد الخاطر قصصاً لهؤلاء الكبار عبدة الدنيا، التي عكفت الدنيا على قلوبهم، فأصبح الواحد منهم كشارب الخمر لا يعي أبداً، تحدثه فلا يسمع حديثك، ولو تليت عليه كتاب الله من أوله إلى آخره.

يقول ابن الجوزي: بعضهم حضرته سكرات الموت وعنده حبات ذهب -حصيلته وميزانيته في حياته- قال: وليس عنده ولد ولا بنت ولا وارث وخاف أن يأخذ الناس ماله، قال: فأخذ يأكل حبات الذهب في بطنه وأدخلوه القبر وحبات الذهب في بطنه.

قال: وشيخ كبير عبد الدنيا، فلما حضرته سكرات الموت كان عنده دنانير من الذهب، فلما أتاه اليقين، وسكرة الموت التي يذعن فيها الجبار، ويضعف فيها المتكبر، ويسلم فيها الكافر، فكَّر في ماله؛ لأنه ليس له وارث -بل ذكر في رواية أخرى أنه كان له ابن لكن بينه وبين ابنه شقاق فلا يحب أن يرث ابنه هذا المال- قال: فأخذ الدنانير وعجنها في الطين، ثم جعله لبنة عند رأسه ينام على هذا المال، فلما أتته سكرات الموت، قال: ادفنوا هذه اللبنة عند رأسي، قالوا: ماذا فيها؟

قال: أريد كذا أوصيكم بهذا، فلما غسلوه تفتت هذه اللبنة من الماء، فخرج الذهب، فعجبوا من حاله.

هذه الدنيا تصل بأصحابها إلى أشد من ذلك.

أرى أشقياء الناس لا يسأمونها على أنهم فيها عراة وجوع

أكثر من يجوع اليوم هم التجار؛ لأنهم لا يجدون وقتاً للأكل، أما الفقراء فأوقاتهم كلها أوقات أكل وشرب، كأنها أيام منى يأكلون ويشربون.

اللهم عمِّر قلوبنا بالتقوى، اللهم إنا نسألك من الدنيا ما يعيننا على طاعتك، اللهم لا تجعلنا عبدة للدنيا.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015