قال أحد العلماء: الأصحاب ثلاثة: صاحب كالهواء، وصاحب كالدواء، وصاحب كالداء، فأما الصاحب الذي كالهواء فهو الذي لا تستغني عنه، فإذا انقطع الهواء عنك مت، فهو الذي يقربك من الله، ويدلك على الله، ويحبب إليك ذكر الله، فهذا الصاحب كالهواء، لا تفارقه دائماً وأبداً ما استطعت، زره، وجالسه، واسأله، وادع له.
وصاحب كالدواء، وهؤلاء أهل المنافع، لا تحتاج إليه إلا وقت الطلب، وضربوا على ذلك أمثلة، مثل: الفران أو الخباز، تحتاج إليه إذا أردت خبزاً في الصباح، أما أن تجلس دائماً مع الفران، وتقول: أحبك في الله، ولا أستغني عنك من الصباح إلى المساء، فهذا ليس بصحيح، والخياط تحتاجه عندما تحتاج ثوباً، والنجار لإصلاح الأبواب، والمهندس للسيارة، فلا يحتاج إليه إلا وقت الحاجة.
وصاحب كالداء يعديك، وهذا السم الزعاف، وهذا الذي يقربك من النار، ويقودك إلى الخزي في الدنيا والآخرة -والعياذ بالله- وهذا اهرب منه، وفر منه فرارك من الأسد، واجعل ثوبك في فمك، وتوكل على الله واهرب.
قال أحد الصالحين: " إذا رأيت الرجل يتهاون في تكبيرة الإحرام مع الجماعة، فاغسل يديك منه"، يعني: تب من مرافقته وقالوا: إذا رأيت الإنسان يتهاون عن فرائض الله، فلا تصاحبه قيد أنملة.
وقال جعفر الصادق لابنه: " يا بني! لا تصاحب ثلاثة: لا تصاحب عاق الوالدين فقد لعنه الله، ولا تصاحب فاجراً فيعديك بفجوره، ولا تصاحب كذاباً، فإن الكذاب يقرب لك البعيد، ويبعد عنك القريب ".
وهذه من أحسن الوصايا.
فالصحبة الصحبة.
أحذر نفسي وإخواني من جلساء السوء الذين صدوا عن منهج الله.
يقول أحد الصالحين في صاحب له اسمه محمد يكسب بمنظره وبمسيرته أحسن الصفات، قال:
صحبت محمداً فكسبت منه خلائق من بهاها الليل يبسم
فقلت له: وايم الله إني بحبك يا أخا العلياء مغرم
فقال: تهن في عيش كريم كذا من صاحب الأخيار يكرم