والسبب الثالث من أسباب الانحراف عن منهج الله، وطاعته: الفراغ القاتل.
قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:115] قال أحد السلف: " المؤمن إذا فرغ غفل.
قال عمر: [[إنني أنظر إلى الرجل، فإذا رأيته ليس في شأن من شئون الدنيا ولا الآخرة سقط من عيني]] فبعض الناس لا هم له إلا أن يعدد السيارات، ليس عنده عمل.
لا يعرف يتنفل، ولا يقرأ القرآن، ولا يسبح، وإنما يجلس في حديقة من الحدائق، أو في دويرة، أو يجلس عند الإشارة، أو على الرصيف، ويأتي من الصباح ينقل السيارة من طرف الشارع، فيوصلها، ويعود يأخذ الثانية، ويوصلها، فما يأتي في المساء إلا ورقبته تكاد تنحط في سبيل اللهو، وأجره على الشيطان.
أمير المؤمنين عمر كان يشتغل، فإذا انتهى من عمل الخلافة ذهب فصلى، فإذا انتهى أصلح بين الناس، فإذا انتهى دار على البيوت، فإذا انتهى دخل يتفقد الأيتام والأرامل، فإذا انتهى أتى إلى الدواوين، فإذا فرغ قال لـ أبي موسى: [[ذكرنا بربنا يا أبا موسى!]] فلا فراغ عند المؤمن أبداً، والرسول عليه الصلاة والسلام من أحفظ الناس لوقته، أما الذي يشكو من الضيق والكدر، فهذا لا يعرف معنى الحياة، ولا يعرف سيرة محمد عليه الصلاة والسلام.
وقال بعض السلف: " الراحة بطالة ".
فإذا رأيت الإنسان يرتاح، أي: ينام كثيراً، فاعرف أنه بطال.
سمعت أستاذاً في شريط يقول: والله لقد عرفت رجلاً نام من بعد صلاة المغرب إلى صلاة الظهر في اليوم الثاني، فقلنا: هذا يمكن أن يكون من أصحاب الكهف: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً} [الكهف:18] وبعضهم في برنامجه أن ينام إلى قرب الظهر، ليس عنده عمل ولا وظيفة، ولا تسبيح ولا نوافل، ولا شغل ولا شيء، فينام إلى الساعة الحادية عشرة، ثم يقوم، فيفطر إلى الظهر، فإن أحسن وكان من المحسنين صلى الظهر، ثم عاد فتغدى، ثم نام إلى العصر، ثم ذهب بسيارته يجول ويصول إلى الغروب، ثم من المغرب إلى العشاء في جلسة لاهية، وبعد العشاء جلسة حمراء يستعيذ منها الشيطان.