اللهم لك الحمد خيراً ما نقول، ومثل ما نقول، وفوق ما نقول، لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، من استنصر بك نصرته، ومن تقرب إليك أحببته، ومن اعتمد عليك كفيته، ومن حاربك خذلته، ومن ضادك كشفت أستاره، وهتكت أسراره، وأظهرت عواره، وفضحت أخباره، والصلاة والسلام على معلم الخير، وهادي البشرية، ومزعزع كيان الوثنية صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
عنوان هذه المحاضرة "الابتلاء"
لعمرك ما مديت كفي لريبة وما حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا دلني فكري ولا نظري لها ولا قادني سمعي إليها ولا عقلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبة من الله إلا قد أصابت فتىً قبلي
{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:2 - 3].
أحسب الأبرار والأخيار، والصالحون والعلماء والدعاة أن الإسلام ادعاء، وأن لا إله إلا الله كلمة تقال فقط، إذاً كان يدّعيها المدّعي، ويفتري بها المفتري، ولا يُميز بين المؤمن والمنافق، والصادق والكاذب، ولكن أبى الله إلا أن يميز بين الصنفين: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء:18].
الله الذي يقذف بالحق على باطل الشائعات والمفتريات والأطروحات، وباطل الكلمات الكاذبات؛ فيدمغه فإذا هو زاهق، ولكم الويل مما تصفون، ومما تتكلمون، ومما تظنون، {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء:81] ويقول سبحانه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء:35] وقال جل اسمه: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} [الفرقان:20] وقال جل اسمه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155 - 157].