التزام منهج الرحمة

المسألة الحادية عشرة: أنه من حق بعضنا على بعض العفو والرحمة، فالرحمة منهج، ولا يرحم الله من عباده إلا الرحماء، وهناك حديث في سنده نظر، وهو ضعيف لا يصح رفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو أن العجلوني تساهل فأراد أن يرفعه، لكن لا يرتفع، فيه: {الناس عيال الله! أقربهم إلى الله أنفعهم إلى عياله} ولكن في الصحيح ما هو غنية عن هذا.

لماذا لا نرحم المؤمنين؟

لماذا لا نحب لهم من الخير ما نحب لأنفسنا؟

هل نزعت الرحمة؟ {لا تنزع الرحمة إلا من شقي} ولذلك قال الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].

يقول أحد العلماء: سبحان الله! الدعوة الخالدة تعلن عالميتها من مكة!!.

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107] قال العلماء: لم يقل: وما أرسلناك إلا رحمة للمؤمنين فيخرج الكفار، ولم يقل للرجال فيخرج الإناث، ولم يقل للإنسان فيخرج الحيوان فكان رحمة للناس، أما للمؤمنين فهو أعظم رحمة، رحمة الهداية، رحمة الاستقامة، رحمة التوفيق، رحمة النجاة من النار.

وأما الكافر فالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال:33].

وأما رحمة الحيوان فورد في ذلك أحاديث، منها حديث الجمل، والحديث يقبل التحسين: {ذهب صلى الله عليه وسلم إلى حديقة من حدائق الأنصار، فأتى جمل فوضع جرانه في الأرض ودمعت، فقال صلى الله عليه وسلم: إن هذا الجمل شكا إلي ما يفعل به صاحبه} فأنقذه بإذن الله وبفضل الله ثم بفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الرجل.

حديث الحُمَّرَة وهو حديث يقبل التحسين، حمرة أُخذ فراخها، فأتت ترفرف على رأس الرسول عليه الصلاة والسلام، تشكو لكن لا تتكلم، يقول أحد الشعراء:

جاءت إليك حمامة مشتاقة تشكو إليك بقلب صبٍّ واجفِ

من أخبر الورقاء أن مكانكم حرم وأنك ملجأ للخائفِ

فقال صلى الله عليه وسلم: {من فجع هذه بفراخها؟ قال أنصاري: أنا.

قال: رد عليها فراخها}.

ورحمته صلى الله عليه وسلم تتعدى حتى يرحم الذين أساءوا إليه، وقد مر نماذج من هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015