المسارعة إلى أبواب الجنة ومنها الجهاد

فمن الناس من يدعى من باب واحد على حسب طاعته وتقواه، وعلى حسب سلوكه إلى طريق الجنة، {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران:185] بعض أهل التفوق يعلن تفوقه في عالم الإيمان ويدخل الجنة، تأتيه الشهادة ليدخل من باب الجنة، ولذلك قال غلاة التصوف وأهل التصوف: نحن لا نعبد الله عز وجل طمعاً في جنته ولا خوفاً من ناره! فلماذا تعبدونه ثكلتكم أمهاتكم؟! أتعبدونه زندقةً؟! أم انزواءً؟! أم تلهياً وتلاعباً؟! قالوا: هكذا نعبده حباً، والله عز وجل وصف أولياءه بأنهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً، والله يقول لأوليائه: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران:133] والله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول لأصفيائه: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران:169 - 170] عمير بن الحمام في بدر يأكل التمر ويظن أن هناك وقتاً بين دخول الجنة وبين أكل التمر، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يغرس شجراً من الإيمان لا تذبل أبداً، خرج على أهل بدر قبل المعركة فقال: {يا أهل بدر! اعملوا ما شئتم فقد غفر الله لكم، والله يا أهل بدر! ما بينكم وبين الجنة إلا أن يقتلكم هؤلاء فتدخلون الجنة، فيقول عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله! ما بيني وبين الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء فأدخل الجنة؟! قال: إي والذي نفسي بيده، فيلقي التمرات من يده، ويخلع الدرع من على جنبيه، ويأخذ غمد سيفه ويكسره على ركبته فيقاتل حتى يقتل}.

وليس على الأعقاب تدمى كلومنا ولكن على أعقابنا تقطر الدما

تأخرت استبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما

يأتي جعفر بن أبي طالب فيقف في مؤتة، وقد ترك زوجته وماله وأهله وشهرته ومنصبه وباع كل شيء وأتى بروحه إلى الواحد الأحد، والذي يهدي روحه ليس كالذي يهدي عشرة ريالات، الذي يهدي روحه أجود الناس، والذي يسكب دمه أكرم الناس، والذي يقدم نفسه أبذل الناس، فلما رأى الرومَ ونظر إليهم ولكنه تطلع إلى ما بعد الروم وهي الجنة، أخذ الغمد وكسره على ركبته وأخذ يقول في زمجرة المسلم وصولة المؤمن، يوم يمتلئ إيماناً ويقيناً، ويوم يرتفع على الشهوات والملهيات وعلى المعاصي والمخالفات.

يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها

والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها

علي إن لاقيتها ضرابها

وصدق مع الله، وضارب وقطعت يداه، واحتضن الراية وهو لا يزال قوياً ما دام أن فيه ذرة من حياة؛ لأن وقوده من مشكاة محمد عليه الصلاة والسلام، وسقط في الأخير شهيداً ولكنه حي عند الله {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران:169 - 170].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015