فهذا لقاء مفتوح لكنه تحت مظلة وعنوان (الطريق إلى الجنة) والطريق إلى الجنة سلكه محمد عليه الصلاة والسلام، وبينه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم يوم قال له الأعرابي قبل أحد: {يا رسول الله! لا تمنعني دخول الجنة -يقول: لا تمنعني دخول الجنة- فوالله الذي لا إله إلا هو، لأدخلن الجنة، فيتبسم عليه الصلاة والسلام ويقول: بما تدخل الجنة؟ -أي: ما هي مؤهلاتك لدخول الجنة؟ - قال: بخصلتين: بأني أحب الله ورسوله ولا أفر يوم الزحف، فدمعت عيناه صلى الله عليه وسلم وقال: إن تصدق الله، وورد المعركة وقتل شهيداً فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: صدقت الله فصدقك الله} وأصبح من أهل الجنة إن شاء الله؛ لأنه صدق الله، وفي صحيح مسلم من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي ذاك الشاب المتوقد إيماناً، الذي يريد الجنة، يقول: {يا رسول الله! أريد مرافقتك في الجنة، فيقول عليه الصلاة والسلام: أو غير ذلك؟ قال: هو ذاك يا رسول الله! قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود}.
فمن طرق الجنة كثرة السجود.
ومما زادني شرفاً وفخراًً وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبياً
ويوم يأتي ثوبان -كما في صحيح مسلم - يروي لنا حديثاً لكنه حديث راقٍ، يقول عليه الصلاة والسلام: {من سجد لله سجدة رفعه الله بها درجة}.
الطريق إلى الجنة لا يعرفه إلا الخواص من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه، وقد أغلق الله طريق الجنة فلا تفتح بعد رسالته صلى الله عليه وسلم إلا من طريقه، فمن ظن أو وسوست له نفسه أو اعتقد أنه سوف يدخل من طريق غير هذه الطريق، أو يهتدي بغير هدى الله الذي أرسل به محمداً صلى الله عليه وسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ولا كلاماً ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب عظيم، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: كل أرض لم تشرق عليها شمس الرسالة فهي أرض ملعونة، وكل قلب لم يهتد بهذا الدين فهو قلب مغضوب عليه.
ولذلك يقول معاذ وكلكم يعرف معاذاً، ذاك الذي عاش العلم والسمو والحب والإيمان والطموح، وكان معاذ أمة وسجلٌ تاريخه حافلٌ بالمكرمات ورفع لا إله إلا الله، رباه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمه، ثم بعثه داعياً بعلم قليل، ولكن علمه طيب مبارك، ذهب إلى أهل اليمن ورفع لا إله إلا الله محمداً رسول الله وترك هناك إسلاماً وإيماناً، وترك مؤمنين ومسلمين وشهداء، جاء في حديث حسن عنه صلى الله عليه وسلم: {معاذ يأتي يوم القيامة برتوة} أي يتقدم العلماء إلى الجنة برمية حجر.