وقال عليه الصلاة والسلام: {آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان} متفق عليه، رواه الترمذي والنسائي عن أبي هريرة، وهو صحيح.
معنى الحديث:
{آية المنافق} أي: علامة المنافق، والمقصود به النفاق العملي؛ لأن النفاق عند المسلمين قسمان:
نفاق اعتقادي.
نفاق عملي.
المنافق نفاقاً اعتقادياً: خالدٌ في الدرك الأسفل من النار، وهو الذي -مثلاً- يكفر بالرسالة، أو يكفر بالرسول عليه الصلاة والسلام أو يستهزئ بشيء أتى به صلى الله عليه وسلم أو يستهزئ بآيات القرآن؛ فهذا منافق نفاقاً اعتقادياً.
أما المنافق نفاقاً عملياً: فقد يكون مسلماً، لكن فيه شُعَبٌ من النفاق، مثل: إذا حدَّث كذب، لكن يجوز للإنسان أن يكذب في ثلاث حالات فقط:
المرأة على زوجها، والزوج على امرأته في أمور الحب والعشرة.
يجوز للإنسان أن يكذب في الصلح بين الشخصين الاثنين.
ويجوز للإنسان المسلم أن يكذب في الحرب مع الكفار؛ لأن الحرب خُدعة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: {وإذا وعد أخلف} أي: إذا ضرب ميعاداً بينه وبين الناس أخلف في الميعاد، وهذه من علامة المنافق، وعَدَ عليه الصلاة والسلام رجلاً، فانتظره ثلاثة أيام، فلم يأتِ الرجل، ثم تذكر الرجل، فأتى، فقال عليه الصلاة والسلام: {لقد شققت عليَّ} ثلاثة أيام ينتظره في المكان.
{وإذا أؤتمن خان} أي: إذا حمَّلتَه أمانة خانها، وهي علامة النفاق، قال سبحانه: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72].
فمن كان فيه خَصلة من هذه كان فيه خصلة من النفاق حتى يَدَعَها، ومن كان فيه ثلاث خصال اجتمعت فيه خصال النفاق، وقد يكون مسلماً مع هذا النفاق، والنفاق يتجزأ، وقد يوجد شخص منافق بخصلة، ومنافق بخصلتين، ومنافق بثلاث خصال، إلى آخرها.