Q ذكرت في معرض الدرس أن ابن عمر لما غاضبه ابنه لأنه عارض الرسول عليه الصلاة والسلام قال: [[والله لا أكلمك أبداً]] فهل كلما اختلف رجل وآخر في مسألة علمية فيها دليل وعارضه الآخر هل يهجره ويقاطعه؟
صلى الله عليه وسلم أنا لا أقصد هذا؛ لأن ابن عمر توهم من ابنه رضي الله عنه أنه يعارض الحديث بلا دليل، وبلا تأويل، أما الاختلاف بالتأويل فلا يوجب الضغينة بين المسلمين في الفرعيات والجزئيات، ولـ ابن تيمية كلام في رفع الملام عن الأئمة الأعلام، ذكر فيه أن العالم يعذر، وطالب العلم إذا كان متأولاً في الدليل الفرعي، فإذا قلت لطالب علم: ضم اليد يكون على الصدر، فقال لك: بل تحت السرة، فتقول أنت: فيه حديث، ويقول هو: فيه حديث، فهل تقول: والله لا أكلمك حتى أموت؟! هذا خطأ، لأن له دليلاً وهو متأول في الدليل، بل ترضى عنه وتعذره، ولو كان دليله ضعيفاً، فـ ابن تيمية يعذر العلماء، ويقول: إما أن يكون الحديث بلغ أحدهما ضعيفاً والآخر صحيحاً، أو أن الحديث وصل إلى هذا العالم ولم يصل هذا، أو أن الحديث منسوخٌ عند هذا العالم وثابتٌ عند هذا، أو أن الحديث فهم منه هذا شيئاً وذاك فهم منه شيئاً آخر.
إذاً أنا لا أقصد هذا، إنما أقصد الذي يعارض السنة جهاراً نهاراً، تقول: تربية اللحى سنة فيقول: لا.
ليست بسنة، فهذا يستحق الهجر، فتقول له: الرسول عليه الصلاة والسلام كان يأكل بثلاثة أصابع، ويقول: بسم الله، فيقول: دعنا، نحن في القرن الخامس عشر، أتريد أن تردنا إلى المدينة والعصر الأول؟! فهذا منافق، وتقول: الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقصر ثوبه، فيقول: وما لنا حتى بالثوب تأتي لنا بالرسول دائماً! فهذا تهجره وتقاطعه {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65 - 66].
نسأل الله أن يجمع بيننا وبينكم في مستقر رحمته، وأن يوفقنا وإياكم للاجتماع فيه، والعمل لما يرضيه، والحب فيه.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.