حتى النبي صلى الله عليه وسلم عايش مشاكل نسائه، تصوروا أن الرسول عليه الصلاة والسلام معه تسع نساء، وفي الصحيح: {أن إحدى نسائه أرسلت صحفة فيها طعام إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وهو في بيت عائشة، وعائشة جارة لتلك وضرة لها، ومن إدخال الغيرة عليها أن ترى صحفة لامرأة أخرى من ضرائرها مملوءة طعاماً تقدم في بيتها للرسول عليه الصلاة والسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم جالس فدخل الخادم بالصحفة مليئة بالطعام، فرأت عائشة الصحفة فما تمالكت نفسها، فقامت فضربت الخادم بالصحفة والطعام، فانكسرت الصحفة ووقع الطعام في الأرض، فغضب صلى الله عليه وسلم، فلما غضب سكت، وكان إذا غضب سكت، ونكس رأسه في الأرض، فلما رأت ذلك عائشة عاد إليها شعورها وعقلها ووعيها فقالت: يا رسول الله! ما هي كفارة ذلك؟ قال: صحفة كصحفتها، وطعامٌ كطعامها} والحديث صحيح، أي: ردي إليها مثلما أتلفتيها، وهذا من الغيرة التي لا تخلو منها امرأة، لكن الواجب ألا تتعدى المرأة، فإذا وصلت إلى الغيرة أن تتقي الله ولا تتعدى في الأشياء، ولا تبخس الناس أشياءهم، ولا تظلم الآخرين، فانظر كيف عاش عليه الصلاة والسلام هذا الأمر.
أتى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهو لا يملك كسرة الخبز، ولا يملك حفنة التمر، ولا يملك إلا كوزاً من ماء، فأخذ نساؤه يطالبن بالنفقة والحلي، أن يشتري لهن ذهباً وفضة وحلياً، فسكت وتأخر عن صلاة العشاء، وسبب تأخره عن صلاة العشاء وهو في الحديث الصحيح عند البخاري: {أن حفصة وعائشة كانتا ترفعان أصواتهما عليه صلى الله عليه وسلم يطالبان بالنفقة، فانتظر ومر أبو بكر فسمع الصوت، ففتح الباب على الرسول عليه الصلاة والسلام، وقال: يا رسول الله! اخرج إلى الصلاة واحث في وجوههن التراب} لكنه أعظم الخلق خلقاً، يقول الله عز وجل عنه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] ويقول: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159].