الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذَّكر أو أراد شكوراً، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً، ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله وسلم على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، صاحب الغرة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، المعلم الجليل، والمؤيد بجبريل، صلى الله وسلم عليه كلما تضوع مسكٌ وفاح، وكلما غرد حمامٌ وناح، وكلما شدا بلبلٌ وصاح، وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد:
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
قبل أن أبدأ في الدرس هنا حدثٌ عالميٌ مهمٌ وخطيرٌ في حياة المسلمين، ولا بد للمسلم أن يعيش واقعه، وأن يعرف أخبار أمته، وأن يعيش الأحداث على الساحة، والحدث المهم في هذه الأيام هو انتصار المجاهدين الأفغان على عدوهم من أهل الكفر والطغيان، وهو انتصار ساحق، يوم قالوا: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران:173 - 174] موسى عليه السلام رأى البحر أمامه والبحر مغرق، وفرعون خلفه فقال الناس: الهلاك الهلاك، فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل؛ فنجاه الله.
إبراهيم عليه السلام رأى النار وهي تلتهب أمامه وهم يريدون دهدهته في النار، فأتاه ملك يقول: ما هي حاجتك؟ قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلب بنعمة من الله وفضل لم يمسسه سوء.
محمد عليه الصلاة والسلام في بدر وأحد والأحزاب، وفي كل معركة تجتمع عليه الجاهلية وقوى الأرض فيها، فيقول: حسبي الله ونعم الوكيل {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران:173 - 174].
قالوا للمجاهدين الأفغان: تعالوا إلى هيئة الأمم المتحدة، قالوا: آمنا بالله وحده وكفرنا بـ هيئة الأمم المتحدة، قالوا: تعالوا إلى مجلس الأمن، قالوا: آمنا بالله وحده وكفرنا بـ مجلس الأمن إلى جنيف، قالوا: آمنوا بالله وحده وكفرنا بـ جنيف، وخرجوا يهللون ويكبرون وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، واقترب فتح كابل {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأنبياء:97].
خرجوا بالكلاشنكوف وروسيا بالصواريخ، والطائرات، والدبابات، والسيارات، والمصفحات، والمدرعات، ولكن:
يا غارة الله جدي السير مسرعة في سحق أعدائنا يا غارة الله
أخذ المجاهدون المتوضئون الصائمون المصلون يَذْبَحونهم على الطريقة الإسلامية
في فتية من بني الأفغان ما تركت كراتهم للعدى صوتاً ولا صيتا
قومٌ إذا قابلوا كانوا ملائكة حسناً وإن قاتلوا كانوا عفاريتا
هذه من أعظم الأحداث في الساحة، وأنتم تشاهدون وتسمعون، فانظر ماذا تفعل لا إله إلا الله محمد رسول الله مع لا إله والحياة مادة، وانظر ماذا تفعل كلمة: حسبنا الله ونعم الوكيل مع قوى الأرض وجاهليتها وكفرها.
وأما الحديث الخطير المهم، فهو حديث أبي القاسم صلى الله عليه وسلم
بالله لفظك هذا سال من عسلٍ أم قد صببت على أفواهنا العسلا