Q ماذا أفعل في كل من يناديني بالمطوع، سواء استهزاءً أو مدحاً؟
صلى الله عليه وسلم أولاً، احمد الله أن شرفك بأنك عبد له، الناس صنفان: مطوع أو عاص، هذا الذي يدعوك إن كان مستهزئاً، ويقول لك: مطوع فهو عاصٍ، لأنه يستهزئ بالمطوع، ومعناك أنك أطعت الله، فصرت مطوعاً، وقد يطلق عليه هو لكنه للشيطان، فإما أن يتطوع العبد للرحمن أو للشيطان، ولذلك يقول ابن تيمية: لا يسكن القلب إلا بإله، إما الله وإما آخر.
فاعلم ذلك وعليك وأنت أمامهم أن تتذكر ثلاث قضايا:
أولها: اعرف أن الله شرفك لأنك تؤذى في سبيله عز وجل، فسلفك في ذلك الأنبياء والرسل وقد قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:2 - 3].
ثانيها: اعلم أنك مأجور، وأن أجرك على الله، وما يصيب المسلم من كلمة أو استهزاء أو نكد إلا كانت كفارة للسيئات ورفعاً للدرجات.
ثالثها: إذا قالوا لك هذا الكلام؛ فتبسم لهم وقل لهم قولاً حسناً فقد ذكر الله المتقين -عباد الرحمن- فقال في وصفهم: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} [الفرقان:63] قال عيسى بن مريم عليه السلام لحوارييه: كونوا كالنخلة ترمى بالحجارة فترد بالرطب.
إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت
فإن جاوبته فرجت عنه وإن خليته كمداً يموت
وقال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:134] وقال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] هذه القضايا التي أريد أن تفهمها مني.