عامر بن الطفيل سيد من سادات العرب، كان عنده من قبيلته ألف مقاتل، إذا صاح صيحة حضر الألف بالسيوف، حتى إنه يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: إما أن تجيبني وتعطيني نصف الأرض، وإلا ملأت عليك المدينة خيلاً جرداً وشباباً مرداً، قال عليه الصلاة والسلام: {بل يكفيني الله إياكم بما شاء}.
أتى عامر بن الطفيل فأعرض عن منهج الله وكفر بالدعوة، وزيادة على ذلك صمم على اغتيال الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن:
عناية الله أغنت عن مضاعفة من الدروع وعن عالٍ من الأطم
أخذ رجلاً اسمه أربد بن قيس، وقال: يا أربد بن قيس، تريد شرف الدهر؟! قال: ما هو شرف الدهر؟ قال: نقتل محمداً فنرتاح وترتاح العرب منه، قال: كيف نقتله؟ قال: أنا سوف أشغله بالحديث وأخرج به من المدينة، فإذا خرجت به وأشغلته فاضرب الرجل، وما علموا أن الحافظ هو الله وأن الله قد قال: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة:67] بعدها {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:67] لن يقتلك أحد، أنت في حفظ الله، فلما وصل إلى المدينة، قال: يا محمد، نريدك أنا وصاحبي في كلمة، فخرج بلا سيف ولا سلاح، ولا رمح ولا حربةٍ، خرج بثيابه عليه الصلاة والسلام فلما خرج إلى الصحراء، أتى عامر بن الطفيل يتحدث له ويغمز للرجل بعينه، أن اضرب، فإذا رفع السيف رأى بارقاً أمام عينيه، وإذا بـ عامر بن الطفيل صاحبه بينه وبين الرسول يريد أن يضربه، ثم حاول وحاول، فلما طال النهار ودعه عامر بن الطفيل وذهب، فقال لـ أربد: لا تتبعني ولا تكلمني فأنت أجبن العرب قال: ولم؟ قال: ما قتلت الرجل منذ اليوم قال: والله ما رفعت سيفي إلا رأيت بارقة ورأيتك بيني وبينه، أفأقتلك؟ فلما ولوا عرف صلى الله عليه وسلم فيهم الغدر، فالتفت وقال: {اللهم اكفنيهم بما شئت}.
فأما عامر فأصابته غدة كغدة البعير، حتى وصلت إلى بطنه، فأخذ يقول: أموت في بيت سلولية؟ أركبوني على الفرس، فأركبوه قال: غدة كغدة البعير في بيت سلولية، ثم مات.
وأما أربد بن قيس فأتته صاعقة من السماء على جمله وهو في السوق فأحرقته وأحرقت الجمل.
لقد ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار
فهؤلاء متكبرون أعرضوا عن الدعوة فما اهتدوا.