تأويل الحديث

Q هناك أحاديث ترد من الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول: يُحمل قول الرسول صلى الله عليه وسلم على كذا ويحمل على كذا؟

صلى الله عليه وسلم هذا للعلماء فيه أقوال، لكن تختلف أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم باختلاف المناسبات، فأما أحاديث الأصول؛ أصول الإيمان فإنه لا يحمل على غير ما دلت عليه، ومن حملها على غيرها فهو إما معطل، وإما مؤول، ولذلك يحذر ابن تيمية من حمل أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في باب الصفات، وباب الألوهية وباب الربوبية التي هي أصول الإيمان، وإنما يفعل ذلك الأشاعرة والمعتزلة والجهمية وغيرهم من الفرق التي ابتدعت في الأصول، ولذلك يلوون أعناق الأحاديث بسبب أنه يحمل كذا ويحمل كذا، وأما في الفروع فالأمر أهون كما قال ابن تيمية، ولذلك لم يؤلف في الفروع رحمه الله وقيل له: "لماذا لم تؤلف في الفروع؟ قال: أمر الفروع أهون وأسهل وأيسر، فإنه لو أخطأ العالم كان لخطئه أجر واحد، ولو أصاب له أجران، لكنه يؤلف في الأصول؛ لأن الخطأ فيها، مزلة ومهلكة.

فأما في الفروع -مثلاً- في الوضوء، وفي العبادات والمعاملات فيحمل كلامه على كذا، فهذا الذي حمل الحديث إن كان قصده صحيحاً ونيته صحيحةً فهذا يؤجر أجراً واحداً إذا أخطأ، وأجران إذا اجتهد وأصاب، وأما إن كان قصده التعصب إلى مذهبه ويعرف أن الحديث يدل على كذا لكن يحمله على محمل، ويلوي النص لياً، ويرفع من دلالة النص فهذا لا يجوز وهو آثم في هذا الباب، فالحمل قسمان: حمل في أصول الإيمان فهذا مزلة ومهلكة، وحمل في الفروع فهو يشمل شقين: إن حمله بحسن نية وحسن قصد وعلم الله أنه اجتهد فرأى هذا، فهذا وارد وصحيح، وإن كان حمله لهوى في قلبه أو تعصباً لرأيه ومذهبه، فهذا آثم ولا يجوز ذلك.

نسأل الله التوفيق والهداية، وأن يلهمنا رشدنا وأن يقينا شر أنفسنا، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015