كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم

وأما كثرة الصلاة والسلام عليه، عليه الصلاة والسلام فهذا أمر واجب في بعض المواقف، ومسنون في مواقف، فأما وجوبه ففي التشهد الأول في الصحيح وفي التشهد الثاني على الصحيح وهو قول طائفة من أهل العلم، منهم: القاضي عياض الأندلسي، ورجحه كثير من محققي العصر كـ الألباني، وفي أحاديث صحيحه، في التشهد الثاني، تدل على أنه واجب.

وأما المسنون فهو ما سوى ذلك كخطب الجمعة، وبعضهم أوجبها كما في رواية عن الحنابلة، وكالمناسبات التي ذكرها ابن القيم وهي خمس وثلاثون مناسبة ذكرها في جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام صلى الله عليه وسلم.

وورد في الترمذي أن أبي بن كعب سيد القراء قال: {يا رسول الله! كم أجعل لك من صلاتي؟ -أي: من دعائي- قال: ما شئت، قال: أجعل لك الثلث؟ قال: ما شئت وإن زدت فأحسن، قال: الثلثين؟ قال: ما شئت وإن زدت فأحسن، قال: أجعل لك دعائي كله، فقال صلى الله عليه وسلم: إذاً يغفر ذنبك وتكفى همك} فكان أُبيّ رضي الله عنه يجعل الدعاء، الذي يدعو به لنفسه ولأهله ولأولاده يجعله خالصاً كله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك كفاه الله همه وغفر الله له ذنبه بهذا العمل العظيم، الذي قدمه للرسول صلى الله عليه وسلم، وبلغ الجهد ببعض علماء الإسلام، أنهم كان يصلون على الرسول صلى الله عليه وسلم، في اليوم مئات المرات، وقرأت لـ محمد الحامد، علامة حماة، الشامي المجاهد الكبير، أنه كان يصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم في اليوم ألف مرة، لا تفوته أبداً، وفاتته مرة لما تعالج فقضاها في الليل ولما انتهى من ورده مات رحمه الله رحمة واسعة، ولذلك يقول علي رضي الله عنه: [[والله لولا ما ذكر الله ورسوله في فضل التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد، لجعلت كل أنفاسي صلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم]].

فالأروع والأجزل في حياة المسلم أن يكثر دائماً وأبداً من الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم.

وذكر ابن القيم المواضع التي يصلى ويسلم عليه صلى الله عليه وسلم فيها، منها: دخول المسجد والخروج منه، والتشهد، ورؤية المساجد، ودخول الأسواق، ودخول البيت والخروج من البيت، ونسيان الحاجة، وفي وقت الفقر، وفي البداية في العلم، وفي البداية في الخطب، والانتهاء من مجالس العلم، وفي لقاء الإخوان والأحباب، وفي موادعتهم ومفارقتهم، وفي مدارسة الحديث النبوي، وعند تذكره صلى الله عليه وسلم، وعند ذكر أصحابه، وعند ذكر شيء من مآثره، وعند دخول المدينة، وعند المرور على قبره صلى الله عليه وسلم إلى تلك المواضع العظيمة، التي من حفظها وحافظ عليها أجزل الله مثوبته، ورفع درجته، وكثر أجره، فإن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يعطي العطاء الجم، خاصة إذا كان المحب عظيماً عنده سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وهو الذي أوصل لنا الهداية، وعرفنا بربه تبارك وتعالى، ونصحنا أجل النصيحة، وأرشدنا أعظم الإرشاد، وهدانا أكمل الهداية فعليه أفضل الصلاة والسلام، دائماً وأبداً ما ذكره الذاكرون وغفل عنه الغافلون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015