إن من واجب المؤمن على أخيه المؤمن أن ينصح له، والذي لا ينصح للمسلمين ولا ينصح للمؤمنين، فهو خائن غاش، غادر لله ولرسوله وللمؤمنين، يحاسبه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى على عمله السيء والخبيث، والذي يحمل ضغينة على المؤمنين، على أمر من أمور الدنيا، أو لأمر لا يتعلق بهذا الدين فمقصوده أن فيه شعبة من النفاق، نسأل الله السلامة، ولذلك يقول جرير بن عبد الله البجلي: {وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قبل أن أدخل المسجد يقول: سوف يقدم عليكم رجل من أهل اليمن، على وجهه مسحة ملك.
-لأن جرير بن عبد الله من أجمل هذه الأمة وهو يوسف هذه الأمة، على يوسف السلام ورضي الله عن جرير - فلما وفد قال صلى الله عليه وسلم: يا جرير! ما ذُكر لي أحد إلا كان أقل مما ذكر لي إلا أنت، فكنت أرفع مما ذكر لي، فأخذه صلى الله عليه وسلم بيده إلى بيته عليه أفضل الصلاة والسلام، ثم أجلسه فوضع له مخدة يجلس عليها فأتى جرير فرفض أن يجلس عليها تواضعاً لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فتعجب صلى الله عليه وسلم فوضع إصبعه في بطن جرير وقال: أشهد أنك من الذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً، مد يدك لأبايعك، فمد يده فبايعه صلى الله عليه وسلم على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، قال جرير: والله ما زلت أنصح لكل مسلم حتى ألقى الله}.
ولذلك كان إذا بايع رجلاً، وانتهت البيعة يقول جرير: [[السلعة التي اشتريت منك أحب إليَّ من الدارهم التي دفعت إليك، وقد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم، فإن تريدني أن أقيلها أقلتك]] حتى لا يغشه أبداً، وهكذا دائماً كلما بايع حتى لا يغشه أبداً، ولذلك وفقه الله وحفظه الله بهذه النصيحة، حتى لقي الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
وفي صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم}.
وهذا حديث صحيح وهو أصل من أصول هذا الدين، وهو من الأربعين النووية، يجب أن يحفظ وأن يفهم، وأن يلاحظ وأن يهتم به، فإنه من أعظم الأحاديث على الإطلاق.