وذُكر عن بشر الحافي في شبابه أنه وجد صحيفة على الأرض مكتوب فيها: الله -هل تعلم له سمياً؟ هل تعلم أعظم من الله؟ - فقال: يا رب! سبحانك تباركت وتعاليت يداس اسمك! والله لأطيبن اسمك, فأخذ الصحيفة وطيبها وعلقها, فسمع قائلاً وكأنه في المنام: يا من طيب اسم الله! ليطيبن الله اسمك، فرفع الله اسمه، فهو من العباد الكبار الذين تطيب بذكرهم المجالس؛ لأنه طيب اسم الله.
يقول أحد الصالحين -وقد ذكر هذا الذهبي عن الإبيوردي -: ما نمت في غرفة فيها مصحف، وذلك تعظيماً لشعائر الله.
الإمام أحمد - وهذا في ترجمة إبراهيم بن طهمان الراوية في الصحيحين، فهو راوية البخاري ومسلم - ذكروا عنده إبراهيم بن طهمان فقال: أجلسوني, فأجلوسه -في سكرات الموت- قالوا: كيف وأنت مريض؟ قال: نذكر الصالحين ونحن على جنب ولا نقعد! لا والله، وهذا من تعظيم شعائر الله.
قالوا لـ سعيد بن المسيب: نريد أن تحدثنا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أجلسوني، قالوا: أنت مريض، قال: أيذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ممدود مضطجع؟! فأجلسوه فتكلم.
وسئل الإمام مالك وهو يمشي, قال: الحديث لا يسأل عنه والإنسان يمشي.
ويقول ابن المبارك: كنت مع الإمام مالك في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام فلدغته عقرب, فأخذ يتغير وجهه, فلما انتهى قلت: مالك؟ قال: لدغني عقرب فكشف عن ساقه فإذا لدغ العقرب عليها واضح، فقلت: ولم لم تقطع الحديث؟ قال: أأقطع حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم في لدغ عقرب؟! ثم نفث في يده وقرأ ورقى رجله فكأنما بها قلبة.
وهذا عباد تصيبه الأسهم وهو يقرأ سورة الكهف فما قطع الصلاة، قال له أخوه وزميله: لماذا لم تقطع الصلاة، قال: أقرأ كلام ربي وأقطعه من أجل هذا؟! لا والله، ثم يقول: لولا مخافتي أن يظهر العدو علينا، لبقيت حتى أتم السورة.