وفي الأخير أقول: المسلم سليم الصدر لا يسيء الظن حتى تظهر له البينات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات:12] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ} [يونس:36] وفي صحيح مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: {من قال: هلك الناس فهو أهلكهم} فلماذا نجعل الأصل في الإنسان سوء الظن؟ إذا تكلم بكلمة قلنا يريد كذا وكذا، فتقول أنت: لا، يريد أن يصلح، قال: لا، أنت ما تعرفه هو دائماً يريد السوء.
أجل لقد فعل خيراً فاشكره على الخير، قال: لا، هو ما أراد إلا خبثاً ودهاءً ما أراد الخير.
يقول عمر رضي الله عنه فيما صح عنه: [[من وجد لكلام المسلم محملاً فليحمله على أحسن العذر، أو على أحسن المحامل]] أو كما قال، ويقال: التمس لأخيك عذراً ما وجدت له محملاً.
أيضاً: من مميزات المسلمين أنهم لا يسارعون في الحكم على الناس بالأحكام الجائرة: كالتفسيق، أحذركم منه وأحذر نفسي، رمي الناس بالتكفير وهذا قليل فينا ونادر -والحمد لله- لكني أخشى أن يتطور الحال إلى أن يصل إلى هذا المستوى بقلة علم أو فقه في دين الله عز وجل، فالأحكام الجائرة لا تخدم هذا الدين، واتهام الناس في نياتهم، وحمل كلام الناصح على أنه يريد السوء، أو الفوضى، أو أنه متطرف، أو أنه يريد أموراً الله أعلم بها، ليس هذا بصحيح، وهذا من الجهل ومن سوء التقدير.
فأسأل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يرحمنا وإياكم، وأن يجمع قلوبنا على الحق، وأن يصلح الراعي والرعية، وأن يهدينا وولاة الأمر إلى ما يحبه ويرضاه، ونسأل الله أن يبقي من في بقائه صلاح للإسلام والمسلمين، وأن يهلك من في هلاكه صلاح للإسلام والمسلمين، ونسأله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، ونسأله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يجعلنا مبشرين لا منفرين، وميسرين لا معسرين، وأن يهدي على أيدينا أمماً من الناس، ولا يرد بسببنا أمماً من الناس {لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم} وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.