Q أرجو أن تعطي لنا موجزاً عن سيف الدولة بارك الله فيك؟
صلى الله عليه وسلم سيف الدولة ابن حمدان بطل كان فيه تشيع يسير، وكان يسكن في حلب، وقد خاض أكثر من ثلاثين معركة ضد الروم، حتى يقول المتنبي وكان شاعره الوحيد المتنبي، ولم يجتمع عند ملك ولا وزير، ولا سلطان ما اجتمع عند سيف الدولة من الشعراء؛ كان على بابه أكثر من ثمانين شاعراً، والمتفوق دائماً المتنبي شاعره الوحيد، يقول:
ألا أيها المال الذي قد أباده تعز فهذا فعله في الكتائب
ويقول له المتنبي، يحيي سيف الدولة يقول:
وإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال
وماتت أخت سيف الدولة، فرثاها أبو الطيب المتنبي، وقال:
طوى الجزيرة حتى جاءني خبرٌ فزعت منه بآمالي إلى الكذب
حتى إذا لم يدع لي صدقه أملاً شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي
ويتغاضب ويتعاتب هو والمتنبي في آخر ويحدث فصام بينهما في المجلس، بسبب أحد الوزراء وهو ابن عم سيف الدولة وهو أبو فراس الحمداني، كان ينشد المتنبي، فأخذ أبو فراس قارورة الحبر فضرب بها المتنبي على وجهه فسال الدم، فضحك سيف الدولة، يضحك من هذا المشهد، فغضب المتنبي، يقول: كيف تضحك عليَّ؟ قال:
إن كان سركمُ ما قال حاسدنا فما لجرح إذا أرضاكم ألم
سيعلم الجمع ممن ضم مجلسه بأنني خير من سارت به قدم
كان يحب نفسه، وكان فيه عظمة، هذا المتنبي، وفي الأخير خرج من عند سيف الدولة وألقى عليه قصيدة يقول:
فراق ومن فارقت غير مذمم وأم ومن يممت خير ميمم
وما منزل اللذات عندي بمنزلٍ إذا لم أبجل عنده وأكرم
رمى واتقى رميي ومن دون ما اتقى هوىً كاسر كفي وقوسي وأسهمي
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم
وعادى محبيه بقول عداته فأصبح في ليل من الشك مظلمٍ
ثم ذهب إلى كافور ومدحه، فجعله بدر الزمان، يقول:
لقيت المرورى والشناخيب دونه وجبت هجيراً يترك الماء صاديا
أبا كل مسكٍ لا أبا المسك وحده وكل غمام لا أخص الغواديا
ثم غضب على كافور، فجعله لا يساوي قرشين، فقال:
لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيدُ
إلى آخر ما قال من الكلام الذي يحاسبه الله عليه.