جاء في كتاب علماء من الجزائر، لأحد العلماء في عهد الشيخ عبد الحميد بن باديس، الذي يعتبر أستاذ الصحوة الحالية في الجزائر، الصحوة السنية الهادفة الراشدة، هذا الذي أخرج هو وتلاميذه- بإذن الله -الفرنسيين، وسحق منهم أكثر من مليون فرنسي، وقدم من الشعب أكثر من مليون شهيد، كان تلاميذ ابن باديس يحمل أحدهم القنابل والسلاح ويرمي نفسه -هذا على فتوى لبعض العلماء بجواز التضحية وجواز أن يقدم نفسه- فكان يفجر العمارة بما فيها من الفرنسيين، فدوخهم هذا الشيخ تدويخاً ما سمع العالَم بمثله.
هذا العالِم كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فأتته مصيبةٌ، هُدِّدَ بالقتل من بعض الجهات التي تحارب الدعاة في الجزائر.
قال: فأمسيتُ ليلة وأنا مهموم وحزين وخائف، فلما نمتُ رأيتُ عمر بن الخطاب، فقَرَعَنِي بالدِّرَّة وقال: لِمَ تَخَفْ؟ {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر:36]؟ قلتُ: يا أبا حفص! ما النجاة؟ قال: عليك بهذا، ورفع كفَّيه أي: بالدعاء، وهذا ثابتٌ.
فمن أعظم ما يكون ومن أحسن ما يكون للمؤمن أن يرفع أكُفَّه دائماً ويدعو، ولا تأتيه الحرب الوهمية الخاسرة التي يُدَبِّرها الشيطان في رأسه، ويقول له: كَمْ تَدْعُو ولا تجابُ؟ لا.
بل ادْعُ وحاول أن تدعو دائماً، ولا تقل: لَمْ يُسْتَجَبْ لي؛ فسوف أخبرك عن سر عدم الاستجابة لنا في مرحلة من مراحل التاريخ عشناها؛ والسر هو: أسبابٌ نحن فعلناها، والله المستعان.
وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام عند النسائي وابن حبان: {الدعاء بين الأذان والإقامة لا يُرد}.
فأنت بين عبادة وعبادة، وبين ندائين، فحاول أن تدعو الله كثيراً.
واسمع إلى هذا الحديث الصحيح الذي رواه الأربعة إلا النسائي، وصححه الحاكم، قال عليه الصلاة والسلام: {إن ربكم حييٌّ كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفْراً} فنثبت لله حياءً يليق بجلاله، لا نكيفه ولا نمثله ولا نشبهه ولا نعطله؛ لكنك إذا رفعت يديك يستحي الله منك أن يردها صِفْراً، بل يردها مليئة.
وقد ترجم ابن كثير في البداية والنهاية لأحد العباد، قال: أصابه برد في ليلة شاتية، فقام يدعو في السحر، فرفع كفاً واحدة يدعو، ثم نام، قال: فرأى قائلاً يقول: أعطيناك هذه الليلة في يدك اليمنى وبقي ما لليد اليسرى.
أو كما قال.
فمن الأدب أن ترفع الكفين، وقد رفعها عليه الصلاة والسلام وهو أبر الناس وأكثرهم إخلاصاً وصدقاً، رفعهما من بعد الزوال إلى أن غربت الشمس في عرفة، وكلما سقط خطام أو زمام الناقة أخذ الخطام وعاد ليجمع الأخرى ويدعو ربه، وربما رفعهما حتى يُرَى بياض إبطيه صلى الله عليه وسلم.