من لا يستطيع قيام الليل؟

بقيت مسألة لا بد من التنبيه عليها، وهي: أن كثيراً من الناس لظروفهم ولأعمالهم ولمشاغلهم، وما عندهم من الأسر لا يستطيعون أن يداوموا على قيام الليل، فما هو الذي ينوب عن قيام الليل؟ وكثير من الناس ليس عندهم مال ينفقونه في سبيل الله، ولا عندهم طائل في المال ولا في الدخل، فماذا يفعلون؟ وكثير من الناس كذلك لا يستطيعون أن يجاهدوا في سبيل الله، فماذا يفعلون؟

وكل هذه الأسئلة يجيب عنها سؤال معاذ رضي الله عنه وأرضاه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَن أعياه الليل أن يكابده، والنهار أن يصومه، والمال أن ينفقه، والعدو أن يجاهده، فعليه بذكر الله عزوجل} فأدلكم وأدل نفسي على أكبر وأفضل وأيسر وأسهل عمل في الإسلام يعدل القيام والصيام والنفقة والجهاد، ويعدل كل نافلة في الإسلام بعد الفرائض: عليكم بذكر الله، معنى ذلك: أنك تذكر الله في بيتك ومسجدك وطريقك وسيارتك؛ حتى تصبح عادة، ولذلك ورد عنه صلى الله عليه وسلم عند الترمذي، كما أورده ابن حجر في بلوغ المرام في باب الذكر؛ يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: {أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه} فكلما ذكر الله عز وجل، وكلما حرك العبد شفتيه كلما كان قريباً من الله، فينوب عن قيام الليل والصدقة والأنفاق وعن كثير من البذل.

وعند ابن تيمية في المجلد العاشر رسالة من سائل اسمه أبو القاسم المغربي، بسؤال مشهور؛ قال فيه: دلني على أفضل عمل بعد الفرائض؟ قال: عليك بذكر الله.

فأفضل عملٍ بالإجماع بين أهل العلم هو: ذكر الله عز وجل.

فعلى المسلم أن يعود نفسه على التسبيح، لأنه قد يسبح في المجلس الواحد أو في دقائق معدودة ما يعادل أجر نفقة كثيرة، قال ابن مسعود رضي الله عنه: [[لأن أقول: سبحان الله! أحب إليَّ من أن أنفق درهماً في سبيل الله]].

وعند الترمذي بسند حسن؛ قال صلى الله عليه وسلم: {من قال: سبحان الله العظيم وبحمده غُرِسَت له نخلة في الجنة}.

فعلى الإنسان أن يستعين بالله عز وجل، وأن يكثر من الذكر والدعاء لتنوب عن هذه الأمور، ثم إن تيسر له القيام والصيام والنافلة والجهاد والإنفاق فعليه بذلك، والله الميسر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015