مسألة وهي: ما هو الوقت الأفضل في الوتر؟
قال أبو هريرة - كما في الصحيحين -: {أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن حتى أموت: بركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر -وفي المسند بدل: صيام ثلاثة أيام في كل شهر ورد: بغسل الجمعة-}.
قال ابن تيمية: إنما قال صلى الله عليه وسلم لـ أبي هريرة أن يوتر قبل أن ينام؛ لأنه كان مشغولاً بتدارس الحديث في الليل، فخاف أن ينام عن مثله، فقال: {أوتر قبل أن تنام} ووقع لـ أبي هريرة هذا، فكان يوتر قبل أن ينام، ويتدارس الحديث ثم يصلي ما تيسر، أو ينام.
وقال ابن تيمية أيضاً: إنما قال صلى الله عليه وسلم: {وركعتي الضحى} لتعوض ركعتي الضحى عن قيام الليل في آخر الليل الذي قد لا يتسنى لـ أبي هريرة وأمثاله من الناس أن يصلوا ركعتي الضحى.
فلْيُعْلَم هذا، فمن أوتر قبل أن ينام ولا يستطيع أن يقوم الليل له أن يصلي الضحى وهي صلاة الأوابين، فيكفر الله بها عنه، ويكتب له أجر ثلاثمائة وستين مفصلاً من مفاصل جسمه في هاتين الركعتين الخفيفتين، فهذا وقت.
أما أوقاته الأخرى فالأفضل تأخيره إلى الليل؛ لحديث أبي أيوب الأنصاري: {اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً} وهو في سنن أبي داود كذلك، وصححه ابن حبان والحاكم.
ولك أن توتر بعد صلاة العشاء، ولا بأس أن توتر قبل أن تنام، لكن أفضل أوقات الوتر آخر الليل، والوقت الفاضل كذلك قبل النوم، والوقت المفضول بعد صلاة العشاء.
والإنسان يعرف عادته، وقدرته، وما يستطيع له، و: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16].
Q من نام بعد أن أوتر في الليل، ثم قام آخر الليل، هل يعيد الوتر، وقد أوتر في أول الليل، أم ماذا يفعل؟
صلى الله عليه وسلم يصلي شفعاً ولا يوتر، وهذا رأي الإمام مالك وأورده في الموطأ أنه يصلي شفعاً ولا يوتر وكأنه الصحيح، وهو الأولى؛ لأنه لا وتران في ليلة.
فإذا أوتر في أول الليل فليصل شفعاً ركعتين، أو أربعاً، أو ستاً، أو ثماناً.
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: أن من أوتر في أول الليل، وقام في آخر الليل وقد أوتر في أول الليل أنه يصلي ركعة واحدة تشفع له ما صلى، ثم يبدأ يصلي من جديد على الشفع ثم يوتر.
لكن الأَولى ما ذهب إليه الإمام مالك لظاهر الحديث: أنه إذا أوتر في أول الليل يكتفي ويصلي ما يسر الله شفعاً.