والمهم -أيها الإخوة- هو العمل من أجل هذا الدين، وأن نتحمل في سبيله كل مشقة؛ لأن الله تعالى يقول لنا: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214] وإذا كان من الناس من يعتبر أو يظن أن حمل الدين سهل أو مفروشٌ بالورود والرياحين فليصحح معتقده، وليتفقد عقله.
قرأت ذات يومٍ -وإن كان منذ مدةٍ طويلة- قصة رجلٍ من الأتراك كان يدعو إلى الله فضلَّ الطريق فدخل في حدود بلغاريا الشيوعية التي كانت لا تسمح بأي شيءٍ اسمه دين، يقول هذا الأخ التركي: فما زلت أسير في الظلام وقد ضللت الطريق داخل الحدود البلغارية إذ أنا في وسط غابة موحشة فسمعت صوت القرآن الكريم، فاطمأنت نفسي -هو الراوي نفسه- يقول: فاقتربت فوجدت سراجاً صغيراً يحيط به أطفال وفي الوسط شيخٌ كبير السن، فجلست معهم من منتصف الليل إلى قرب الفجر، وهم يقرءون القرآن والشيخ يقرئهم، فلما قرب الفجر تفرقوا، فسألت صاحبي: فقال هؤلاء شبابٌ من بلغاريا، يجتمعون في كل ليلة في منتصف الليل، وهذا شيخ يأتي من تركيا فيخترق الحدود في كل ليلة، فيجلسون ليقرئهم القرآن ويتفرقون قبل أن تنتبه السلطات الشيوعية.
هكذا يقدر المسلمون لهذا الدين قدره.
أما إذا ظن المسلمون أن الدين يحتاج أقل من ذلك؛ فإنهم في خطأ.
أيها الإخوة! الإسلام يحتاج إلى تضحية، وما وصل إلينا بهذا المستوى إلا بعد جهدٍ جهيد، ونحن مطالبون بأن نسعى كما سعى آباؤنا؛ لإقرار الحق وإحقاقه وإبطال الباطل.
أما العلم فإنه أمرٌ مطلوب، ونحن بمقدار فرحتنا بالصحوة الإسلامية المباركة وبهؤلاء الشباب، والحمد لله الذي منَّ عليهم بالعودة بعد شرودٍ طويل؛ نطالبهم بالعلم؛ لأن العلم هو سلاح الحياة، وهذه المجالس التي تشبه هذا المجلس إنما هي الوسيلة لتحصيل العلم النافع الذي يتحصن به شبابنا.
فيجب أن نقدر لهؤلاء العلماء قدرهم، ولا نفقد الثقة فيهم مهما قيل عنهم.
ثم أيضاً يجب أن نلتف حولهم لنأخذ منهم العلم الصحيح، كيف لا وهم يعلموننا ما قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.
أيها الإخوة! إن وجود مثل هؤلاء العلماء بين ظهرانينا فرصة، ولذلك فإني سوف أزف لكم بشرى سوف يفرح بها كل واحدٍ منكم إن شاء الله: لقد سمعت منذ أيام أن الشيخ عائض سوف يرتحل إلى مكة وبإلحاحٍ من إخوانه الغيورين على دين الله عز وجل وعلى انتشار العلم في كل مكان في الأرض، ولأن مكة فيها والحمد لله خير كثير؛ عدل فكرته -والحمد لله- وقرر الاستقرار هنا.
ويجب أن يكون هاهنا العلماء، فلا يجوز أن يتركوا الميدان إلا إذا كان أحدهم متحيزاً إلى فئة، ونحن نقول: هنا يجب أن يكون العلماء كما يجب أن يكون هناك في مكة وفي كل مكان من الأرض.