وهم في الأخلاق وسط:
فالبياض إذا كثر أصبح برصاً، قال تعالى: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق:3] فالتواضع إذا زاد عن حده صار ذلة، والعزة إذا ارتفعت صارت كبراً، والكرم إذا زاد أصبح إسرافاً، وإذا قل صار بخلاً.
فالوسط الوسط في الأخلاق.
وهذه يلهمها العبد، وهي المسألة التي يقول فيها ابن تيمية الهداية إلى الصراط المستقيم، التي يسأل العبد ربه في كل صلاة {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] فإن دراجات الهداية دقيقة وكثيرة لا يعلمها إلا الله، ولا يصل إلى الدرجة العالية إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام، فليعلم هذا.
إذاً التوسط في الأخلاق هو المحمود، ومن أسس الماسونية أنهم يجعلون القاسم المشترك هو خلق الإنسان، فيقولون: ما دام حسن الخلق، أي: لا يزعج أحداً، حتى إذا كان الخواجة الأمريكي معك، فليس لك أن تزعجه إذا رأيته يخالف في بعض الأمور، فمن حسن الخلق أن تتأدب معه وتتلاطف، وأن تذل له، لأن خلق الإنسان لا بد أن يكون مشتركاً بين الناس، حتى أنهم يقولون: العزة هذه من أين أتيتم بها؟ فلا يجوز عندهم جرح الشعور.
والله عز وجل يقول: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29] وقال تعالى عن المؤمنين: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة:54] فلا يصح أن تقلب، بل يبقى المسلم عزيزاً بإسلامه، والكافر ذليلاً بكفره، لكن يبقى حسن المعاملة، فالدين المعاملة: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة:83] قال بعض المفسرين: قيلت في سائر الناس، أن تقول لهم: حسناً؛ تصرفاً حسناً، أما الذلة والاستخذاء فهذا محرم.