ومن مواصفات شيخ الإسلام؛ أنه عالم بالشريعة، وعالم بالواقع:
عنده علم الكتاب والسنة، وكل الأحاديث والقرآن في ذهنه، وله معرفة كبيرة بواقعه الذي يعيش فيه.
لم يجلس ابن تيمية في غرفة ويغلق عليه بابها، ولم يجلس تحت المكيف ليرسل لنا كتيبات وأشرطة في المجتمع، لا.
كان يخالط الناس، ويعرف ما يدور في المجتمع، وما يدور في العالم في الشرق والغرب.
ومن الأدلة على ذلك أنه لما سئل عن ابن تومرت؛ وابن تومرت عاش في المغرب، فأجاب عنه بكتيب، وكذلك تحدث عن القونوي وابن عربي وابن سبعين، والطوائف، والملل والنحل، والدول والشعوب، وما خطر وما سار في العالم، يقرؤها قراءة تامة؛ وهذه تسمى علم الواقع الذي نعيشه.
فطالب العلم لا يكون حافظاً للصحيحين صحيح البخاري وصحيح مسلم فقط، ولا يعرف ما يدور في الصحف والمجلات والجرائد، ولا يعرف ماذا في المجتمع، ولا يعرف ما هي الصراعات التي يعيشها الناس، ولا يعرف ما هي المسائل التي يريد أن يتحدث بها في الناس.
أما ابن تيمية فأجاد العلمين والفنين على حد سواء.
والناس في هذا الباب ثلاثة أقسام:
قسم منهم: يعرف الكتاب والسنة، لكنه يعيش مع الترمذي، فهو معنا بجسمه، لكنه مع الترمذي -ورحم الله الترمذي - فلا يدري عن الواقع شيئاً! وهذا خطأ.
وقسم ثانٍ: يعرف الواقع، لكن لا يعرف من الكتاب والسنة شيئاً، فهو عالم بالواقع، يقرأ الصحف، والجرائد، حتى أطروحات الواقع يعرفها لكن لا يعرف الكتاب والسنة؛ وهذا نقص.
والْكُمَّلُ كـ ابن تيمية يعلمون الكتاب والسنة، ويعلمون الواقع.