فنحن وسط، أليس أهل الإسلام وسط بين اليهود والنصارى؟
اليهود علقوا أنبياءهم بالمشانق.
والنصارى ألَّهوا أنبياءهم، فقالوا: عيسى بن مريم هو الله أو ثالث ثلاثة، واليهود ذبحوا في يوم واحد أكثر من أربعمائة نبي، لأن الله كان يبعث لهم أنبياء كثر في وقت واحد، كما يقول بعض المفسرين، فتوسطنا نحن، فقدرنا الأنبياء، وجعلنا رسولنا عبداً رسولاً، كما قال في الصحيح: {لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد الله ورسوله، فقولوا: عبد الله ورسوله} ولا نجفوا فيه عليه الصلاة والسلام، كما جفا بعض الناس، وقالوا: هو رجل كسائر الرجال مثل ما يفعل العقاد في عبقرية محمد عليه الصلاة والسلام، أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في العسكرية في آخر الكتاب وقال: هو يتفوق على نابليون.
حسيبك الله! تقارن محمداً أصفى البشر ورسول الله وأكرم الناس وأصفى الناس وأبر الناس، بمجرم كلب فرنسي.
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
فهؤلاء يقارنون الرسول صلى الله عليه وسلم بـ هتلر ويقولون: هو في استطلاع المعارك أقوى من هتلر، وهذا خطأ، فهم يريدون أن يمدحوا الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن على حساب ذمه فهو بشر يوحى إليه الله: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:1 - 4] فوقع في الأمة غلو فيه عليه الصلاة والسلام، طائفة رفعته حتى كانوا يستسقون به وهو في قبره، ويطلبون منه عند القبر المغفرة، ويقولون: اغفر لنا يا رسول الله! حتى يقول البرعي شاعر اليمن:
يا رسول الله يا من ذكره في نهار الحشر رمزاً ومقاما
أقل لي عثرتي يا سيدي في اكتساب الذنب في خمسين عاما
فهو يقول: اغفر لي ذنبي.
ويقول البوصيري:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
وهو شرك.
ويقول ابن عربي لما وصل القبر:
في حالة البعد روحي كنت أرسلها تقبل الأرض عنكم وهي رائدتي
وهذه دولة الأشباح قد حضرت فامدد يمينك كي تحضى بها شفتي
وقال الكذابون المخرصون:
فمد يده صلى الله عليه وسلم من القبر، فسلم على ابن عربي، يقول هذا أمثال النبهاني المسرف على نفسه، الذي يتعدى على ابن تيمية وكتبه، والله يتولى السرائر.