خامساً: روح التجديد التي صاحبته:
عاش ابن تيمية مجدداً، وقضية: ابق على القديم ولا تخالف الناس، لا يعترف بها ابن تيمية، بل يريد أن يرد الأمة إلى كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد عاش التجديد بكل معانيه.
كان هناك ابن عربي ومعه فرقة من الاتحادية والحلولية.
وكان هناك صوفية لا يعرفون من الدين إلا تنتنة في الزوايا، هؤلاء ألغاهم من الحسبان، بل قال لهم: الإسلام ليس هذا.
أيضاً المعتزلة؛ قدموا عقولهم على النص، فقال أخطأتم.
أتى إلى الأشاعرة الذين أولو بعض الصفات، فقال لهم: أخطأتم.
أتى إلى النصيرية الذين كفروا بالواحد الأحد، فقال لهم: أخطأتم، وهاجمهم.
أتى إلى المناطقة؛ وقال: أخطأتم استدلالكم ليس بصحيح.
أتى إلى الفقهاء، الذين لا يخرجون قيد أنملة عن المذهب ولو خالف الدليل، فقال لهم: أخطأتم.
يقول أحد العلماء من العصريين من الأدباء: "كان صف المعارضة رهيباً" لكن ابن تيمية أسقطهم جميعاً بإذن الله؛ لأن الله معه، فقد كان صادقاً.
فقضية التجديد عاشها -رضي الله عنه وأرضاه- في مسألة رد الناس إلى قال الله وقال رسوله عليه الصلاة والسلام، فأثبت عقيدة أهل السنة والجماعة عند الفرق المخالفة، وأثبت التمسك بالدليل عند أهل الفقه الجامدين على المذهب، وأثبت السلوك الشرعي الذي أتى به عليه الصلاة والسلام عند الصوفية، وأثبت التوحيد الخالص عند النصيرية والجهمية المعطلة، وأثبت الكتاب والسنة بكل معانيها عند المناطقة وأهل الكلام؛ ورد عليهم بقوة.