من أشد من تعرض له صلى الله عليه وسلم بالإيذاء: أبو جهل عليه غضب الله، اسمه عمرو بن هشام، ولم يؤمن، وقتل كافراً في بدر، يقول لقريش: يا معشر قريش! لأحملن صخرة على رأسي، وأخدش بها رأس محمد، فامنعوني أو أسلموني، يقول: إن شئتم قوموا معي وإن شئتم اتركوني، فذهب بالصخرة والرسول عليه الصلاة والسلام جالس، فلما اقترب منه دنا ليرمي الصخرة، وإذا بصورة فحل -جمل- مقبل هائج على أبي جهل، فرمى الحجر وفر فزعاً خائفاً وجلاً، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ} [العلق:15] والناصية: مقدمة الرأس، أي: يؤخذ بناصيته ويجر في نار جهنم {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [العلق:16] وهي ناصية أبي جهل وأمثاله، أي: لا تعرف الصدق {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} [العلق:17] لأنه يقول هو: يا معشر قريش! يقول محمد: إنه سوف يدعو الملائكة وسوف أدعو عليه أهل النادي، يقصد: كفار قريش، قال سبحانه: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبَْ} [العلق:17 - 19].
وقد آذى الرسول عليه الصلاة والسلام إيذاءً بالغاً، ولكن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى حمى رسوله حتى أتم به النعمة.