اليتم يتدحرج معه صلى الله عليه وسلم, مات أبوه وأمه به حاملة, فلما نزل في الأرض ماتت أمه, فكفله جده, فمات جده, فكفله عمه, فمات عمه فالتفت إلى خديجة فماتت خديجة , لماذا؟ يقول بعض العلماء: حتى ينفصل صلى الله عليه وسلم عن كل ما سوى الله وتكون صلته بالواحد الأحد: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد:19] فهذه صلة الرسول صلى الله عليه وسلم بالله تبارك وتعالى.
ثم إن أمه أخذته من حليمة وتوجهت به إلى المدينة لزيارة أخوال جده بني النجار وكانوا يحبونه لما هاجر صلى الله عليه وسلم, لأنهم أخوال جده, خرجوا من كل قبيلة من الأنصار كانوا ما يقارب ثمان قبائل خرجت كل قبيلة بالسيوف والرماح يعرضون ويرفعون السيوف ويقولون:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة مرحباً يا خير داع
فكان يبتسم ويحييهم وهو على الناقة صلى الله عليه وسلم, ويريدون أن يأخذوا زمام الناقة حتى يتشرفوا بضيافته, فيقول: {دعوها فإنها مأمورة} اتركوها حتى تنيخ هي في مكان يناسبها.
فسبحان الله! أراد أن يجبر خواطر أخوال أبيه فتركت الناقة كل بيت في الأنصار، وذهبت إلى بني النجار, فخرجت جواري الأنصار تقول:
نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار
فنزل عليه الصلاة والسلام يحيهم، ونزل عند أبي أيوب الأنصاري، وبينما أمه عائدة أدركتها منيتها في الطريق فماتت بـ الأبواء , وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا مر ب الأبواء يستأذن ربه أن يزور قبر أمه؛ لأنها ماتت فأذن له -وقد ثبت كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة - قال: {استأذنت ربي أن أزور أمي فأذن لي، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي} فزارها صلى الله عليه وسلم وبكى وأبكى.
كنز بحلوان عند الله نطلبه خير الودائع من خير المؤدين